البلاد (واشنطن)
تتجه الأنظار نحو العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث من المقرر أن يزورها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- غدًا (الثلاثاء)، في محطة دبلوماسية، تُعد من أبرز الأحداث في مسار العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. تأتي الزيارة التي تشهد الأربعاء توقيع اتفاقيات إستراتيجية، في ظل تحولات إقليمية ودولية عميقة، فيما تسعى واشنطن لتأكيد حضورها الإستراتيجي في الشرق الأوسط من خلال شراكات متجددة تتصدرها الرياض. وتحمل الزيارة دلالات سياسية واقتصادية مهمة؛ وفقًا لتقارير شبكة NPR الأمريكية، ومؤسسة DW الإعلامية؛ إذ من المتوقع أن تركز المباحثات على تعزيز التعاون الأمني والدفاعي، وإطلاق مبادرات مشتركة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والصناعة العسكرية، إلى جانب توسيع نطاق الاستثمارات المتبادلة. ويرى محللون أن المملكة أصبحت لاعبًا محوريًا في التوازنات الإقليمية، فيما تنظر واشنطن إليها كشريك إستراتيجي لا غنى عنه، خصوصًا مع تصاعد التحديات المرتبطة بأمن الملاحة والطاقة والتغيرات في موازين القوى الإقليمية. تأتي الزيارة أيضًا في سياق الإصلاحات الاقتصادية الشاملة في السعودية، ضمن رؤية 2030، التي تعزز من جاذبية المملكة للاستثمارات الأمريكية في الاقتصاد الحديث، والتحول الرقمي، وتحديث البنية التحتية. ومن المتوقع أن تشمل المحادثات ملفات التعاون الدفاعي، بما في ذلك الصفقة المرتقبة لشراء مقاتلات متطورة من طراز F-35؛ لتعزيز القدرات الجوية، ضمن خطط تحديث القوات المسلحة. ويركز الجانب الأمريكي على الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، وتثبيت الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط في ظل التوترات الإقليمية المستمرة. وتشكل الزيارة فرصة للطرفين لتأكيد التزامهما بتعميق العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، بما يشمل مشاريع مشتركة في الطاقة التقليدية والمتجددة، والتقنيات الحديثة، وتطوير الصناعات الدفاعية. ووفقًا لتقارير Semafor وCBS News ونيويورك تايمز، يشمل جدول أعمال الزيارة حفل استقبال ضخم لولي العهد وتعاون دفاعي وعسكري، بما في ذلك صفقات أسلحة كبرى، وتعزيز الصناعات العسكرية المحلية، والتعاون في مجال الدفاع الجوي، إلى جانب تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي. كما تتضمن المحادثات ملفات استثمارية ضخمة، مع استعراض الفرص الاستثمارية في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة والبنية التحتية والصناعات المتقدمة، في ظل مشاريع عملاقة؛ مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية.
وتتزامن الزيارة مع عقد قمة استثمارية سعودية في واشنطن، بمشاركة مسؤولين أمريكيين، ومستثمرين من الجانبين، لتعزيز الشراكة الاقتصادية طويلة المدى بين الرياض وواشنطن. ومن المتوقع أن تركز الاجتماعات على الشراكات التكنولوجية والطاقة النظيفة والابتكار الصناعي، بما يسهم في جذب استثمارات سعودية جديدة للولايات المتحدة.
وتسلّط تقارير وكالة بلومبرغ الضوء على الملفات الشائكة، التي تحيط بالزيارة، مثل صادرات الرقائق الإلكترونية، وتطوير الأنظمة النووية، والتوترات المتعلقة بقطاع غزة، والتي تشكل اختبارًا لإستراتيجية الرياض في المنطقة. وتشير المصادر إلى أن التحضيرات للزيارة استمرت لشهور؛ بسبب تعقيدات المفاوضات بين الجانبين، لكن نجاحها يعد مفتاحًا لإطلاق مرحلة جديدة من التعاون الدفاعي والاقتصادي والتكنولوجي.
وستبدأ الزيارة بمراسم استقبال رسمية في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، تليها اجتماعات ثنائية بين ولي العهد والرئيس الأمريكي، يرافقها توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والدفاعية، وحضور مأدبة عشاء رسمية تنظمها السيدة الأولى ميلانيا ترمب. تأتي هذه الحفاوة لتؤكد تقدير الولايات المتحدة للدور المتنامي للمملكة في القضايا الإقليمية والدولية، وتبرز أهمية الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
ويرى محللون أن الزيارة تعكس الثقة السعودية بمكانتها الدولية، وحجم الإصلاحات الداخلية التي نفذتها المملكة خلال العقد الماضي، خصوصًا في الاقتصاد والبنية التحتية والسياحة والحكومة الرقمية، وأن نتائجها ستحدد شكل العلاقات السعودية – الأمريكية لعقود مقبلة. وفي الوقت نفسه، تعكس واشنطن إدراكها للأهمية المتزايدة للسعودية كطرف لا غنى عنه في ملفات الطاقة العالمية والأمن الإقليمي، والاستثمارات الكبرى في التكنولوجيا المتقدمة.
ويشير محللون أمريكيون إلى أن نتائج الزيارة ستشكل مؤشرًا رئيسيًا على مستقبل التعاون بين واشنطن والرياض خلال السنوات المقبلة، خصوصًا في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، التي تعيد رسم ملامح التحالفات السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط. كما يعد نجاح اللقاء اختبارًا لقدرة الطرفين على تحويل الشراكة التاريخية إلى شراكة أكثر ديناميكية ومرونة، تلبي مصالحهما الإستراتيجية المتبادلة.
وتخلص التحليلات إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان ليست مجرد لقاء دبلوماسيًا تقليديًا، بل محطة محورية قد تعيد رسم ملامح الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، مع تعزيز دور المملكة كلاعب محوري في قيادة الملفات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية في الشرق الأوسط.
واشنطن تستعد لاستقبال ضيفها الكبير.. محللون أمريكيون: زيارة محمد بن سلمان إستراتيجية لتعزيز الشراكات
