مقالات الكتاب

الدروس الخصوصية.. مهنة بلا نظام

لم تعد الدروس الخصوصية مجرد حالة استثنائية، بل تحولت إلى ظاهرة تتسع عامًا بعد عام. فالكثير من أولياء الأمور يلجأون إليها لتعويض ضعف التحصيل الدراسي لدى أبنائهم، أو لتحسين نتائجهم في الاختبارات، غير أن هذه الظاهرة باتت تحمل في طياتها تساؤلًا جوهريًا: لماذا لا تطبق إدارات التعليم نظامًا واضحًا ينظم هذا النشاط، خصوصًا لمن يمارسه من غير المواطنين؟
إن الواقع اليوم يشهد انتشارًا واسعًا للدروس الخصوصية، بعضها يقدمه معلمون مؤهلون، و البعض منها يُمارس من قبل عمالة وافدة لا تحمل أي تصريح أو مؤهل تربوي، تعمل في الخفاء دون رقابة أو مساءلة. وهذه الفوضى تخلق بيئة تعليمية غير آمنة، فيها استغلال مادي للأسر، وضعف في جودة التعليم، بل وتفتح الباب أمام تجاوزات نظامية تمس أمننا التربوي والاجتماعي.
والمدهش أن بعض المقيمين الذين يمارسون التدريس الخصوصي يعملون في الأصل بمهن لا تمت للتعليم بصلة، ومع ذلك يقدمون دروسًا في المنازل أو عبر الإنترنت، مستغلين ضعف الرقابة وحاجة الأسر، وهذا في جوهره مخالفة صريحة لنظام العمل والإقامة الذي يمنع ممارسة أي مهنة دون تصريح رسمي.
إدارة التعليم، وهي الجهة المعنية، تستطيع معالجة هذا الملف من خلال إصدار نظام واضح يمنح تصاريح محددة لمن يرغب في تقديم الدروس الخصوصية من المعلمين السعوديين، أو المقيمين النظاميين المؤهلين، على أن يكون ذلك تحت إشراف مباشر من الوزارة، مع تحديد الأسعار وضوابط العمل وآلية المتابعة.
بهذا التنظيم نحمي أبناءنا من الدروس العشوائية، ونرفع من جودة التعليم، ونحد من استغلال الأسر من قبل غير المؤهلين. فالتعليم شأن وطني لا يحتمل الفوضى، ومن أراد أن يُدرّس فعليه أن يكون تحت مظلة النظام لا خارجه.
ونأمل من وزارة التعليم أن تبادر بوضع إطار نظامي واضح وشامل للدروس الخصوصية يضمن ضبط هذا النشاط ويحفظ حقوق الطالب وولي الأمر والمعلم في آن واحد.
ويجب تطبيق أنظمة في حالة عدم الحصول على ترخيص؛ مثل الإنذار الأول غرامة مالية وحرمان من الراتب، والإنذار الثاني ترحيل وحرمان من حقوق الخدمة ومنعه من العودة إلا بعد خمس سنوات؛ فالتعليم رسالة سامية يجب أن تُحمى من الدخلاء، وتُدار بعين النظام والرقابة والعدالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *