البلاد (الخرطوم)
تتواصل الأعمال القتالية في السودان بوتيرة عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في حرب دخلت عامها الثالث منذ اندلاعها في أبريل 2023، مخلّفة دمارًا واسعًا وأزمة إنسانية غير مسبوقة في البلاد.
وفي أحدث التطورات، تجددت المواجهات البرية العنيفة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور الاستراتيجية، الواقعة جنوب غرب السودان. وتمركزت الاشتباكات في المحاور الشمالية والشمالية الغربية إضافة إلى المحور الجنوبي، حيث سُجل استخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة بكثافة.
وفي سياق متصل، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بارا بولاية شمال كردفان. وقال الباشا طبيق، مستشار قائد قوات الدعم السريع، إن قواته استولت صباح السبت على المدينة، مشيرًا إلى أن وحدات الدعم تعمل على “حصر حجم خسائر الجيش ومناصريه”، وملاحقة فلوله حتى مشارف مدينة الأبيض، كبرى مدن الولاية.
كما بثت قوات الدعم السريع مقاطع مصوّرة قالت إنها توثّق بسط سيطرتها على مواقع حيوية في الفاشر، بينها قصر السلطان علي دينار ومبانٍ سيادية قريبة من قيادة الفرقة السادسة مشاة، التي سبق أن أعلنت تصديها لمحاولات التسلل نحو عمق المدينة.
وتعد الفاشر آخر معاقل القوات المسلحة في إقليم دارفور، ويقطنها أكثر من 250 ألف مدني نصفهم من الأطفال، وفق تقديرات الأمم المتحدة. ومنذ أكثر من 16 شهرًا، ترزح المدينة تحت حصار محكم تفرضه قوات الدعم السريع، ما فاقم أوضاعها المعيشية والصحية إلى حدّ بالغ الخطورة.
وأكدت الأمم المتحدة الجمعة أن المدينة تقف على حافة مجاعة حقيقة، بعد انهيار شبه كامل للمنشآت الصحية ونفاد الإمدادات الغذائية والدوائية، الأمر الذي يهدد آلاف الأطفال بالموت جراء سوء التغذية الحاد وغياب أبسط مقومات العلاج.
وخلال نحو 30 شهرًا من الاقتتال بين الجيش والدعم السريع، قُتل عشرات الآلاف وتشرّد أكثر من 14 مليون شخص داخل السودان وخارجه، أي ما يعادل ثلث سكان البلاد تقريبًا، في واحدة من أكبر أزمات النزوح على مستوى العالم خلال السنوات الأخيرة.
ورغم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار واستئناف مسار الحل السياسي، لا تزال المعارك مشتعلة على الأرض دون مؤشرات واضحة على قرب انحسارها، فيما تتفاقم المعاناة الإنسانية وتزداد مخاطر انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة في ظل أتون الصراع المتصاعد.
تصاعد المعارك في الفاشر وسط تحذيرات أممية
