متابعات

عاد بهوية متجددة.. موسم الدرعية يحتفي بإرث التاريخ وأصالة المكان

هاني البشر (الرياض)

انطلقت فعاليات موسم الدرعية 2025 – 2026 وسط أجواء احتفالية نابضة بالفخر والهوية الوطنية، تحت شعار “عزّك وملفاك”، الذي يجسّد روح الضيافة السعودية الأصيلة، ويحتفي بتاريخ الدرعية العريق ومكانتها بوصفها مهد الدولة السعودية الأولى ومنطلق مسيرتها الحضارية.

وجاء الإعلان عن تقويم الموسم خلال اللقاء الإعلامي الذي نظمته هيئة تطوير بوابة الدرعية في الرياض، حيث أُطلقت الهوية الجديدة للموسم التي تجمع بين التاريخ والثقافة والفنون والابتكار، وتنطلق فعالياتها رسميًا في الأول من نوفمبر 2025م، مرحّبةً بالزوار من مختلف أنحاء العالم بروح الكرم والأصالة التي تميز المجتمع السعودي.

واستمدت الهوية البصرية الجديدة للموسم إلهامها من وادي حنيفة، الذي يُعد مصدرًا دائمًا للإبداع والمعرفة، ومركزًا للحياة في قلب الدرعية منذ قرون. وتعكس الهوية مفهوم “الالتقاء الثقافي” الذي يجمع بين الماضي والحاضر، ويرمز إلى القيم السعودية الراسخة في الريادة والعطاء والفخر والانتماء.

ويضم موسم الدرعية هذا العام أكثر من عشرة برامج نوعية، موزعة على مناطق تاريخية وطبيعية متعددة، صُممت وفق أعلى المعايير العالمية لتقديم تجربة ثقافية وسياحية استثنائية، تمزج بين أصالة الماضي وإبداع الحاضر. وتشمل الفعاليات عروضًا فنية وتراثية، وتجارب تفاعلية، وورش عمل، ومهرجانات متنوعة تعيد إحياء تراث الدرعية بطرق معاصرة.

وتتنوع فعاليات الموسم لتشمل جميع الفئات العمرية والزوار من داخل المملكة وخارجها، ففي حي المريّح، تنطلق “ليالي الدرعية” التي تجمع بين الثقافة والفنون والموسيقى الحية وتجارب التذوق المتنوعة، في أجواء مستوحاة من الطابع النجدي الأصيل، بينما يقام “سوق الموسم” -الذي يحتفي هذا العام بالثقافة اليابانية التقليدية- في منطقة الطوالع، تزامنًا مع مرور 70 عامًا على العلاقات الدبلوماسية السعودية اليابانية، في تجربة تجمع بين التبادل الثقافي والفني.

أما في حي الطريف، المسجل ضمن قائمة التراث العالمي في اليونسكو، فيعود مهرجان الطين ليحتفي بفنون العمارة النجدية الأصيلة، ويتيح للزوار فرصة استكشاف أسرار البناء الطيني وفنون الزخرفة التراثية، في حين يفتح برنامج “أهل القصور” أبواب قصور الأمراء التاريخية لأول مرة أمام الزوار، مثل قصر ثنيان وقصر تركي، ليستكشفوا من خلالها صفحات مضيئة من تاريخ نجد. في وقت يستقبل حي البجيري، مهرجان الدرعية للرواية الذي يحتفي بفنون السرد والحكاية بمشاركة نخبة من الكتّاب والرواة السعوديين والعرب، لتُروى من خلاله قصص المنطقة بأسلوب يجمع بين المتعة والمعرفة. بينما يقدّم برنامج “منزال” تجربة ضيافة فاخرة مطلة على وادي صفار، ويتيح للزوار استكشاف الحياة النجدية القديمة عبر جلسات الضيافة والفروسية والصقارة، والعروض التراثية التي تحيي الموروث السعودي الأصيل.

وفي بوابة الزلال، يعيش الزوار تجربة تفاعلية متكاملة تجمع بين الأنشطة الثقافية والترفيهية ضمن أجواء تتناغم مع شتاء السعودية، في حين يقدّم “صدى الوادي” عروضًا للفنون الشعبية مثل السامري والقصيد والعروض الشعرية والموسيقية التي تعبّر عن نبض الصحراء وروح الفخر الوطني.

ولم تغب الفعاليات الموجهة للصغار، إذ تحتضن أحياء الظهيرية والحويط فعاليات تفاعلية وألعابًا تراثية تعيد للأطفال تجربة الطفولة النجدية في أجواء تعليمية وترفيهية ممتعة. أما حي سمحان، القلب النابض للدرعية، فيستضيف ورش التراث والفنون العالمية، ويُعد مركزًا للإعلاميين لتغطية فعاليات الموسم ونقل أجوائه للعالم. أما في حي المريقب، أحد أقدم أحياء الدرعية، تنطلق فعاليات متنوعة تجمع بين الأصالة والتجديد، إلى جانب شراكات محلية وعالمية تسهم في إبراز الإرث السعودي الغني وتعزيز الحراك الثقافي والفني في المنطقة.

وقالت مديرة موسم الدرعية أحلام آل ثنيان، إن شعار الموسم الجديد “عزّك وملفاك” يجسّد روح الدرعية وكرم أهلها، مشيرةً إلى أن الموسم هذا العام سيكون الأكبر والأغنى من حيث عدد الفعاليات وتنوعها. وأضافت: “نستحضر من خلال الموسم إرث الدرعية العريق، ونعبّر عن فخرنا بجذورنا التاريخية عبر برامج ثقافية وفنية تمثل مزيجًا من الإبداع والأصالة، في إطار يعكس التزامنا بالتطور المستمر والانفتاح الثقافي”.

وأكدت آل ثنيان أن الموسم يهدف إلى تقديم نموذج ملهم للاستدامة الثقافية، وتعزيز التكامل المجتمعي عبر تمكين الحرفيين والمواهب الوطنية، واستقطاب الشراكات المحلية والدولية لدعم التجربة السياحية والثقافية في المنطقة.

ويأتي موسم الدرعية هذا العام منسجمًا مع مبادئ رؤية السعودية 2030، حيث تلتزم الهيئة بتصميم جميع البرامج بما يحقق الاستدامة البيئية والثقافية، ويعزز المشهدين الاقتصادي والسياحي في المنطقة. كما يُركّز الموسم على تمكين الحرفيين والمبدعين السعوديين من المشاركة في المعارض والأنشطة، وتوفير فرص التعاون مع مؤسسات محلية ودولية تسهم في تطوير المشهد الثقافي الوطني.

وبهويته المتجددة وبرامجه المتنوعة، يعود موسم الدرعية 2025 – 2026 ليجسّد رحلة فريدة بين الماضي والحاضر، حيث يلتقي التراث بالأصالة وروح التجديد، في مشهدٍ ثقافي حيّ يعكس عمق التاريخ السعودي وثراءه الحضاري، ويضع الدرعية مجددًا في قلب المشهد العالمي بوصفها منصة للثقافة والإبداع والضيافة السعودية الأصيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *