مقالات الكتاب

محو الأمية في السعودية… إنجازات وطن نحو مجتمع واعٍ

تُعدّ الأمية من أكبر العقبات التي تقف أمام تقدم المجتمعات؛ إذ تحرم الإنسان من أهم حقوقه وهو التعلم، وتحد من قدرته على المشاركة الفاعلة في التنمية. إلا أن المملكة العربية السعودية استطاعت أن تحقق إنجازات بارزة في هذا المجال، حيث انخفضت نسبة الأمية بشكل كبير، بفضل الاهتمام الحكومي والدعم المتواصل لبرامج التعليم. فقد أولت المملكة التعليم أهمية كبرى، واعتبرته ركيزة أساسية لبناء الإنسان السعودي، فتم إنشاء برامج خاصة لمحو الأمية وتعليم الكبار، وتقديم الحوافز للمشاركين فيها، إضافة إلى التوسع في المدارس والمراكز التعليمية، وتوفير فرص التعلم عن بُعد باستخدام الوسائل التقنية الحديثة. كما لعب التطور الاقتصادي والاجتماعي والمادي دورًا مهمًا في تعزيز هذه الجهود، حيث أصبحت بيئة المجتمع أكثر وعيًا بضرورة التعليم وأثره على الحياة الفردية والجماعية.
ومن أبرز الجوانب المضيئة في قصة محو الأمية في السعودية ما قامت به الأمهات، فكثير من النساء لم تسمح لهن ظروف الحياة في الماضي بإكمال تعليمهن، لكن برامج محو الأمية فتحت لهن بابًا جديدًا لتطوير أنفسهن. فقد أصبحت الأمهات المتعلمات أكثر وعيًا في تربية الأبناء، حيث ساعدهن التعليم على متابعة دروس أطفالهن والمشاركة في بناء شخصياتهم، كما منحهن التعليم ثقة أكبر في أنفسهن، فاستطعن الانخراط في العمل التطوعي والاجتماعي والمشاركة في خدمة المجتمع. وتوجد قصص نجاح عديدة لأمهات التحقن بدورات محو الأمية، ثم واصلن دراستهن حتى وصلن إلى مراحل متقدمة؛ ما شكّل قدوة ملهمة لغيرهن من النساء.
ولم يكن الاهتمام بالتعليم غريبًا عن المجتمع السعودي، فالإسلام جعل من العلم فريضة، وأول ما نزل من القرآن الكريم كان الأمر بالقراءة: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”، وهذا دليل على أن محو الأمية ليس مجرد مشروع تنموي، بل هو استجابة لنداء ديني وحضاري يدعو إلى طلب العلم ونشره.
وهكذا أثبتت التجربة السعودية أن محو الأمية ليس مجرد تعليم القراءة والكتابة، بل هو مشروع وطني شامل يغير حياة الأفراد ويصنع مجتمعًا أكثر وعيًا وتطورًا، والأمهات اللاتي حرصن على تطوير أنفسهن من خلال هذه البرامج هن شاهد حي على أن التعليم يغير حياة الإنسان ويمنحه قيمة مضاعفة، ليس لنفسه فقط، بل لأسرته ومجتمعه بأكمله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *