البلاد (طرابلس)
تشهد العاصمة الليبية طرابلس تصعيداً عسكرياً خطيراً أمس (السبت)، مع تحرّك أرتال مسلّحة نحوها من عدة محاور، وسط ترقب حذر من مواجهة مسلحة وشيكة بين القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، و”جهاز الردع ومكافحة الجريمة” التابع للمجلس الرئاسي.
وأفاد شهود عيان ووسائل إعلام محلية، بأن عشرات العربات المزوّدة بأسلحة ثقيلة ومتوسطة تحرّكت من مدينة مصراتة باتجاه طرابلس، كما شوهدت تعزيزات عسكرية في بوابة الدافنية استعداداً لدخول العاصمة. وفي الوقت ذاته، رُصدت تحركات أخرى من قاعدة الوطية باتجاه طرابلس، ما يعكس حالة استنفار واسعة غير مسبوقة منذ أشهر.
وكان الدبيبة قد أعلن في مايو الماضي خطة لتفكيك ما وصفها بـ”الجماعات المسلحة غير النظامية”، بهدف إعادة بسط سلطة الدولة على المؤسسات الرسمية، وهو ما أثار توتراً مباشراً مع “جهاز الردع”، أحد أبرز القوى المسلحة النافذة في الغرب الليبي.
المشهد الحالي يوحي بأن احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية في العاصمة تظل قائمة بقوة، خصوصاً مع تمسك جهاز الردع بمواقعه ورفضه أي ترتيبات تقلّص من نفوذه العسكري، في مقابل استعراض عسكري واضح من جانب القوات الموالية لحكومة الوحدة.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك يحظى بدعم ضمني من بعض القوى الدولية والبعثة الأممية، التي تشترط إزاحة جهاز الردع من المشهد كخطوة ضرورية لاستمرار الحكومة وتهيئة المناخ لأي عملية سياسية مقبلة.
الساعات القادمة تبدو حاسمة، إذ تتواصل محاولات لاحتواء الموقف وتفادي اندلاع حرب داخل العاصمة، مقابل ممارسة ضغوط على جهاز الردع لتسليم مواقعه وقبول تسوية تُنهي حالة الاحتقان.
وبحسب مصادر إعلامية، رفض الجهاز حتى الآن تسليم المقرات الحيوية التي يسيطر عليها، وعلى رأسها مجمع معيتيقة الذي يضم المطار والقاعدة الجوية والمستشفى العسكري، إضافة إلى سجن يضم شخصيات بارزة من رموز نظام معمر القذافي، فضلاً عن عناصر مصنّفة كإرهابية.
هذا التصعيد الميداني يأتي في ظل انسداد سياسي خانق، حيث تتعطل لغة الحوار بين الأطراف الرئيسية التي تتصدر المشهد، رغم الجهود الدولية والأممية الرامية إلى دفعهم نحو توافق يضع البلاد على مسار الاستقرار.
وبينما يراهن البعض على إمكانية تفادي الحرب عبر تسوية في اللحظة الأخيرة، فإن استمرار التصعيد قد يقود طرابلس إلى جولة جديدة من الدماء والفوضى، تُعيد ليبيا إلى نقطة الصفر.
أرتال عسكرية تتجه نحو العاصمة.. طرابلس على صفيح ساخن
