كلما تصدر بيان اعتذار من شركة عن تصرف مسيء، أو خطأ وقع فيه أحد منسوبيها، أجد نفسي أقرأ العبارة ذاتها:”ن عتز أننا شركة سعودية”.
عبارة أنيقة في ظاهرها، لكنها تستفز في داخلي سؤالًا بسيطًا: أين موضع الاعتزاز بالضبط؟
هل الاعتزاز هنا لأن مالك الشركة سعودي؟ أم لأن الشركة مسجلة على أرض المملكة، وتحمل رقمًا في وزارة التجارة؟
لأن الواقع- في كثير من الحالات- يكشف أن أغلب العاملين في الشركة من غير السعوديين، وأن المناصب القيادية، التي تصنع القرارات الكبرى وتوجه بوصلة العمل، يشغلها أشخاص من خارج البلد.
إذا كان الحضور الوطني محدودًا إلى هذا الحد، فهل يحق للشركة، أن ترفع شعار”الاعتزاز” بالهوية السعودية؟
ألا ينبغي أن يكون الاعتزاز مبنيًا على مساهمة حقيقية في تمكين الكفاءات الوطنية، وخلق بيئة عمل تحترم وتفهم قيم المجتمع، وتتبنى لغته وثقافته اليومية؟
الهوية المؤسسية الحقيقية لا تتجسد في الشعار المطبوع على المقر أو الحسابات الرسمية، بل في الثقافة الداخلية والسياسات التي تعكس أولويات الوطن.
الشركة السعودية- بالمعنى العميق- هي التي تعتبر الشاب والشابة السعوديين خيارًا أول للفرص القيادية، وتستثمر في تدريبهم وتطويرهم، لا التي تضعهم في الصفوف الخلفية، وتكتفي بذكرهم في البيانات الصحفية.
قد يقول قائل:”ى لكن الشركات تبحث عن الكفاءة؛ بغض النظر عن الجنسية”. وهذا صحيح في سياق المنافسة العالمية، لكن السؤال: لماذا لا نُعد الكفاءات السعودية لتكون في الصف الأول؟ لماذا نرضى أن يبقى الاعتزاز شعارًا بينما الفرصة غائبة؟
في عالم الأعمال، الاعتزاز ليس بطاقة تعريف، بل التزام مستمر. التزام بأن يكون اسم البلد على اللوحة الأمامية مرآةً لما يحدث خلف الأبواب.
ربما آن الأوان لنعيد تعريف”الشركة السعودية” ليس وفقًا لمكان تسجيلها أو جنسية مالكها، بل وفقًا لمدى حضور الإنسان السعودي في مفاصلها الأساسية، ومدى مساهمتها في بناء الاقتصاد الوطني عبر الاستثمار في أبناء البلد.
دعوة للتفكير:
في المرة القادمة التي تقرأ فيها عبارة “نعتز أننا شركة سعودية”، اسأل نفسك:
هل هو اعتزاز حقيقي يعكس أفعالًا، أم مجرد شعار جاهز لملء الفراغ في لحظة أزمة؟.
lewefe@hotmail.com