في وطننا الغالي، تمثل فئة الشباب أكبر طاقة بشرية يمكن أن تقود النهضة الاقتصادية إذا أُحسن استثمارها، لكننا، ونحن نسير بخطى ثابتة نحو رؤية 2030، لا بد أن نلتفت لفئة عزيزة علينا جميعًا: أبناء الأسر ذات الدخل المحدود، الذين تخرجوا من المدارس ولديهم الطموح، لكن تنقصهم المهارة التي تفتح لهم أبواب العمل الكريم.
إن إنشاء مراكز تدريب فنية متخصصة في جميع مناطق المملكة، تستهدف خريجي المدارس من هذه الفئة، ليس مجرد عمل خيري أو اجتماعي، بل هو استثمار حقيقي في رأس المال البشري. هذه المراكز يمكن أن تقدم برامج قصيرة ودبلومات في مجالات يحتاجها سوق العمل المحلي؛ مثل الكهرباء، التبريد والتكييف، صيانة السيارات، اللحام، الحاسب الآلي، والفندقة.
ولتحقيق الأثر المنشود، ينبغي أن تكون هذه المراكز مرتبطة مباشرة بفرص عمل حقيقية، من خلال شراكات مع القطاع الخاص، والتنسيق مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وصندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)؛ لضمان أن التدريب ليس نهاية المطاف، بل بداية لمسار وظيفي منتج.
كما أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تستطيع عبر قواعد بياناتها تحديد المستفيدين المستحقين، وتوجيه الدعم لهم، سواء عبر القسائم التدريبية أو تغطية تكاليف النقل والأدوات. وبهذا نضمن أن لا يكون الوضع المادي عائقًا أمام أي شاب أو شابة يريد بناء مستقبل أفضل.
لقد أثبتت التجارب العالمية أن التدريب الفني الموجه لسوق العمل يقلل من البطالة، ويحد من الاعتماد على العمالة الوافدة، ويرفع الإنتاجية الوطنية. وفي بلادنا، لدينا الإمكانات والمؤسسات والخبرات التي تجعل هذا المشروع قابلًا للتنفيذ فورًا، إذا وُجد القرار والتنسيق بين الجهات.
إننا حين نستثمر في أبناء الأسر الفقيرة، فإننا لا نمنحهم فرصة عمل فحسب، بل نمنحهم الأمل، ونحميهم من الانزلاق في مسارات غير منتجة، ونبني مجتمعًا أكثر تماسكًا وعدلاً.
ختامًا، هذه دعوة صادقة للجهات المعنية والقطاع الخاص، لنضع أيدينا معًا ونطلق شبكة وطنية لمراكز التدريب الفني، تكون جسرًا يربط بين طموح شبابنا واحتياجات سوق العمل؛ فالمستقبل يبدأ من هنا.
مراكز تدريب فنية لأبناء الأسر الفقيرة.. استثمار في الإنسان والوطن
