كما يعلم الجميع، في السياسة لا صديق دائم ولا عدو دائم، ومن الحكمة أن يكون موقف كل مواطن أو مراقب أو كاتب رأي أن يتبنى موقف قيادة وطنه من أي دولة، أو من أي نظام حاكم في أي دولة، وفق متغيرات أي مرحلة.
وموقف القيادة الرشيدة في المملكة أدان الهجوم الإسرائيلي على جمهورية إيران الإسلامية، وما تلاه في الحرب، التي تدور رحاها الآن، وهو ما نقف جميعًا معه؛ بصرف النظر عن أي انطباع أو مشاعر تبنيناها في مراحل سابقة، نتيجة مواقف النظام الحاكم في طهران تجاه المملكة مباشرة، أو عبر أذرعها التي أساءت للمملكة وقيادتها.
في العدوان الإسرائيلي الأول على إيران، كان رد إيران على إسرائيل محدودًا، ويكاد أن يكون معنويًا أكثر منه عسكريًا؛ نظرًا لمحدوديته وتأثيره، رغم أنه انتهاك للسيادة واضح.
وفي الاعتداء الأخير لإسرائيل على إيران، كان رد الأخيرة هذه المرة مختلفًا، وبالغ التأثير ومحرجًا لدولة الكيان الصهيوني، إلا أنه رغم التأثير الواضح عبر استهداف تل أبيب وحيفا وبئر السبع بشكل خاص، ورغم أنه أحرج حكومة نتنياهو داخليًا، ربما أكثر منه خارجيًا؛ وذلك بسبب المواقف الغربية المنحازة لإسرائيل- كما هي دائمًا، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر إسرائيل تدافع عن نفسها ضد التهديدات الإيرانية، رغم أن دولة الاحتلال هي من بدأت الحرب التي تدور رحاها الآن، وهي ذات المواقف التي تكيل بمكيالين دائمًا وأبدًا، وتنحاز بشكل متطرف لدعم الكيان الصهيوني ضد أي دولة من دول المنطقة تخوض صراعًا معها.
هذه الحرب الإيرانية – الإسرائيلية لا تعدو كونها حرب استنزاف لطرفي الصراع، لا أعتقد أنها ستتمدد أكثر من حدود الاستنزاف، الذي سيؤثر على إيران بتأخير برنامجها النووي، وستتعافى من آثار الحرب بجهود ذاتية مع بعض الدعم الروسي والصيني. أما إسرائيل فستتعافى سريعًا بعد أن تضع الحرب أوزارها بدعم أمريكي كامل، وأوروبي بسيط، هذا في حال لم تتدخل أمريكا بضربة جوية، أو حتى تدخل بري داخل إيران، وهو احتمال وارد، وإن كان غير قوي، وعندها ربما يكون لروسيا- تحديدًا- كلمة، وربما الصين- إن دعت الحاجة. وأعتقد حتى عند حدوث هذا السيناريو، أنه لن تتضرر المملكة- بإذن الله؛ نتيجة السياسة الحكيمة للقيادة الرشيدة في التقارب مع إيران، حتى قبل نشوب الحرب والموقف السياسي الشجاع والواضح من الاعتداء على إيران.
Dr.m@u-steps.com