يمثل السكن حاجة أساسية لكل فرد، بوصفه عاملًا مهمًا في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي والأُسري. ومع ذلك، يواجه الكثير من الأفراد تحديات في الحصول على مسكن ملائم، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي، والوحدات السكنية في بعض المناطق، ممّا يؤدي إلى صعوبات مالية تؤخر تحقيق حلم التملك.
في السنوات الأخيرة، سعت العديد من الدول، بما في ذلك دول الخليج، إلى معالجة أزمة السكن من خلال إطلاق مشاريع إسكانية تهدف إلى دعم الفئات محدودة ومتوسطة الدخل. وقد تم تنفيذ مبادرات متنوعة مثل بناء وحدات سكنية مدعومة، وتقديم برامج تمويل ميسّرة، إلى جانب تطوير سياسات تهدف إلى زيادة نسبة التملك بين المواطنين. إلا أن التحديات لا تزال قائمة، لا سيما في المدن الكبرى، التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الإيجارات وأسعار المساكن، ممّا حدا بالهيئة الملكيه لمدينة الرياض بدراسة الموضوع بعد توجيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برفع الايقاف عن أراضي شمال الرياض ودفع مليار ريال للمساهمه منه لدعم القطاع السكني.
وتؤثر هذه الأزمة بشكل خاص على فئة الشباب، حيث يجد الكثيرون صعوبة في الإستقلال، وتكوين أسر جديدة، وهو ما قد يترتب عليه آثار اجتماعية، واقتصادية، على المدى البعيد. ومن هذا المنطلق، بدأت بعض الجهات المعنية بدراسة الأزمة، واقتراح حلول استراتيجية لتحقيق التوازن في سوق العقار، وتحسين فرص التملك.
من أبرز الحلول المقترحة، تشجيع التوسع العمراني خارج النطاقات المكتظة، وتطوير البنية التحتية في المدن الصغيرة والمتوسطة، لجعلها أكثر جذبًا للسكن والإستثمار. كما يُعد دعم المطورين العقاريين لتوفير وحدات بأسعار مناسبة، خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
ومن الحلول الإضافية التي يمكن أن تسهم في تخفيف حدة الأزمة، تحفيز شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة، عبر خلق بيئة تنافسية في قطاع البناء، ممّا ينعكس إيجابًا على تكلفة البناء ويمنح المواطنين خيارات سكنية متنوعة. كما يمكن النظر في تعديل سياسات القروض العقارية، لتصبح أكثر مرونة، خاصة بالنسبة لكبار السن وأصحاب الدخل المحدود، بما يتناسب مع قدرتهم على السداد دون تحميلهم أعباء مالية إضافية.
إن معالجة أزمة السكن، تتطلب تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص، وابتكار حلول مستدامة، تأخذ في الاعتبار احتياجات جميع شرائح المجتمع، لتحقيق استقرار سكني يسهم في التنمية الشاملة
drsalem30267810@