البلاد – جدة
يُجسّد شعار يوم التأسيس ملامح التاريخ العريق، والهوية الراسخة للمملكة، مستلهمًا من تراثها الغني وروحها الأصيلة، ويتكون الشعار من خمسة رموز؛ يحمل كل رمز فيها دلالات عميقة، تنبع من تراث الدولة السعودية وأصالتها، وتعكس عناصر جوهرية؛ تمثل تناغمًا تراثيًا وأنماطًا مستمرة، وهي: العلم السعودي والنخلة، والصقر، والخيل السعودية، والسوق. أما الخط الذي كتب فيه عبارة (يوم التأسيس (1727م)، فقد استلهم من نمط الخط التاريخي، الذي كتبت به إحدى المخطوطات التاريخية التي تؤرخ أحداث الدولة السعودية الأولى.
العلم السعودي.. وحدة وانتماء
الراية أو اللواء أو البيرق، الذي يرمز للوحدة والانتماء والوطنية، فقد كانت ترفع الأعلام في المعارك؛ لرفع الهمم والروح الوطنية والانتماء للمحاربين، كما كانت ترفع في الدور الحكومية والمناسبات، وقد مر العلم السعودي بعدة مراحل حتى وصل إلى صورته الحالية، فكانت أولى تلك المراحل في عهد المؤسس الإمام محمد بن سعود؛ حيث كان علمًا أخضر مشغولاً من الخز والإبريسم، كتب عليه عبارة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، واتخذ اللون الأخضر فيه رمزًا للنماء والعطاء والرخاء، وقد استمر هذا العلم حتى الدولة السعودية الثانية. أما العلم السعودي الحالي، فهو امتداد لعلم الدولة السعودية الأولى.
النخلة.. جذور راسخة
رمز للنماء والعطاء والثبات، فلها جذور ثابتة وراسخة في أراضي الدولة السعودية، وهي جزء من الهوية والثقافة والتراث، واكتسبت مكانتها من خيراتها ومنافعها التي تعطيها للناس؛ فثمرها غذاء نافع، وسعفها وليفها مادة جيدة لصناعة مختلف الأنواع من المستلزمات الضرورية للمعيشة؛ كالمنسف والحصيرة والمهفة والسفرة والمبرد والزنابيل والسلال والقفاف (جمع قفة) والأبواب والأقفال (المجرا) وغيرها.
ويمثل التمر مصدرًا رئيسًا للغذاء والدخل الاقتصادي للعديد من الأسر السعودية، ويتم تصديره أيضًا إلى العديد من البلدان الأخرى، كما تعتبر النخلة جزءًا لا يتجزأ من التصميم العمراني التقليدي للمدن والقرى في السعودية. ويمكن رؤية الأشجار المورقة وأغصان النخيل في المناظر الحضرية والريفية، وتعكس هذه الرؤية الروح الأصيلة للمكان وتاريخه. كما أن النخلة تمثل الاستدامة والثقافة والتاريخ والتراث الزراعي للمملكة العربية السعودية.
الصقر.. شموخ
رمز للشموخ والسمو والرؤية العميقة، وإشارة إلى الهواية والرياضة الشهيرة في مجتمع الدولة السعودية، فقد كانوا شغوفين بصيد الطيور المهاجرة، التي تأتي إلى الدولة السعودية من أواسط آسيا، كما طوعوا الجوارح للصيد من أجل لقمة العيش، كما كان يقدم هدية ثمينة بين الأئمة وأمراء البلدان، وشيوخ القبائل. وتعد “الصقارة” وهي فن الصيد بالصقور رياضة تقليدية تمارس وتعلم من جيل إلى جيل، كما تعتبر هواية شهيرة في مجتمع الجزيرة العربية، وهي أحد أصناف علم” البيزرة” المعروفة في التراث العربي، وكان أفضل أنواع الصقور التي كان لها شعبية كبيرة “الحر” و” الشاهين” و” الوكري”، وكل أنواع الصقور تأتي مهاجرة إلى الجزيرة العربية، حيث تصاد فيها، أو يؤتى بها مستوردة من مواطنها الأصلية، وذلك فيما عدا” الوكري” و” شاهين الجبل” المتوطنة في الجزيرة العربية. وخلال فترة الدولة السعودية الأولى، كانت الصقور من الهدايا التي تهدى بين شيوخ القبائل رمزًا للصلح في حال الخلافات بينهم.
الخيل.. شجاعة وإقدام
رمز للأصالة والشجاعة والإقدام، فكانت الأرض السعودية هي المهد الأول للخيل في الجزيرة العربية، وعلى أراضيها استؤنست الخيول لأول مرة في تاريخ العالم، ويعود ذلك إلى آلاف السنين مضت من تاريخ البشرية، فالخيل له علاقة وطيدة وقديمة مع الدولة السعودية؛ فقد ارتبط حضور الخيل والفروسية بتاريخ الدولة السعودية الأولى، حيث حرص الأئمة على اقتناء نجائب الخيل وأجودها، وهو ما أعطاها قيمة معنوية ومادية أكثر من ذي قبل. وقد خلد المؤرخون والشعراء أسماءها وسلالاتها وفرسانها وأوصافها وأفعالها، ولم تنفك عن الذكر منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى وقتنا الحاضر، حيث حرص الأئمة على اقتناء الخيل واحتكار بعض أنواعها، وهو ما أعطاها قيمة معنوية ومادية أكثر من ذي قبل، وتمتلك المملكة سلالات خيول مرموقة؛ مثل العربية الأصيلة، وتعتبر السعودية مرجعًا رئيسًا في تربية وتطوير الخيل العربية، وتقام العديد من الأحداث والمعارض والسباقات الخاصة بالخيل في المملكة.
السوق.. رخاء وازدهار
رمز للرخاء والاستقرار والاقتصاد والازدهار، فقد اشتهرت الدولة السعودية بأسواقها العامرة في مناطق الدولة السعودية، التي كانت دكاكين أو بسطًا مفروشة على الأرض، تعرض عليها البضائع، ولا تزال مثل هذه الأسواق تقام إلى يومنا هذا في القرى، أو في الأرياف، ومن هذه الأسواق ما ينعقد كل أسبوع، ومنها ما لا ينعقد إلا مرة في الشهر أو مرة في السنة، ومنها ما ينعقد مرة في بضع سنين، وقد شهدت الدولة السعودية الأولى تعدد مصادر الدخل، وازدياد ثروات السكان، ما انعكس ذلك على الأسواق التجارية، ونتج عن ذلك تمتع الناس في الدرعية، والكثير من المدن السعودية بحياة اقتصادية جيدة.