تعدّ الاستدامة من أهم القضايا التي تواجه العالم في العصر الحالي، حيث أصبحت الحاجة إلى تحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي، الحفاظ على البيئة، والعدالة الاجتماعية، ضرورة ملحّة لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. ومن هنا، تبرز أهمية تضمين مفهوم وأهداف الاستدامة في المناهج الدراسية، بدءًا من المراحل المبكرة ووصولاً إلى التعليم الجامعي.
في المراحل الدراسية المبكرة، يكتسب الأطفال القيَّم الأساسية التي تشكل رؤيتهم للعالم من حولهم. وعندما يتعرف الطلاب منذ صغرهم على مبادئ الاستدامة، مثل الحفاظ على الموارد الطبيعية، وإعادة التدوير، والمسؤولية تجاه البيئة، فإن ذلك يسهم في غرس الوعي البيئي والاجتماعي لديهم. هذا الوعي يساعدهم على تبني أنماط حياة مستدامة، وتحمُّل مسؤولياتهم تجاه المجتمع والبيئة في وقت مبكر من حياتهم، ممّا يساهم في خلق جيل واعٍ، ومدرك لأهمية حماية الكوكب.
أما في الجامعات، فتعدّ دراسة الاستدامة خطوة أساسية لبناء قادة المستقبل في مختلف المجالات. يمكن للبرامج الأكاديمية التي تدمج الاستدامة، أن تسهم في إعداد الطلاب لتطوير حلول مبتكرة للتحدّيات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. كما أن تشجيع البحث العلمي في مجال الاستدامة، يعزِّز فرص تقديم مساهمات حقيقية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، مثل القضاء على الفقر، تحسين جودة التعليم، وتحقيق المساواة بين الجنسين.
علاوة على ذلك، تسهم المناهج الدراسية التي تحتوي على مفاهيم الاستدامة، في تحفيز الطلاب على التفكير النقدي، والإبداعي، لإيجاد حلول واقعية ومستدامة للتحدّيات التي تواجه بيئتهم ومجتمعاتهم. كما أن إشراكهم في الأنشطة العملية مثل زراعة الأشجار، تقليل النفايات، واستخدام الطاقة النظيفة، يساعد على تعزيز الفهم العملي لهذه المفاهيم.
في الختام، يمثل تضمين الاستدامة في المناهج الدراسية، استثمارًا طويل الأجل في بناء عالم أكثر ازدهارًا واستدامة. لذلك، فإن غرس هذا المفهوم منذ الصغر، وحتّى المرحلة الجامعية، ليس خيارًا، بل ضرورة لتحقيق مستقبل مستدام، يتسم بالوعي والمسؤولية الجماعية.
drsalem30267810@