اجتماعية مقالات الكتاب

كانت مجرد مصادفة لكنها حياتك التي تغيرت

كان الصباح يغري الوقت بممارسة الرياضة، وكان الطريق يجمع الأماكن التي تتشابه في تقديم ذات الخدمة، لكن الأقدام شقت طريقها إلى أن فُتح الباب، فرفعت رأسي مصادفة ورأيت ما جعلني أدرك أن حياتي قد تغيرت بالكامل حتى اليوم.

يقول محمود درويش في قصيدة لاعب النرد التي تحوي الكثير من المصادفات:
“كانت مصادفة
أَن أكون أنا الحي في حادث الباص
حيث تأخرت عن رحلتي المدرسية.
دائمًا ما أقول لمن هم حولي أن حياتي عبارة عن العديد من المصادفات، والتي تُعرف في اللغة: “على وقوع الشيء اتفاقاً، من غير قصد وترتيب مسبق” وعند ارسطو: “اللقاء العرضي الشبيه باللقاء القصدي، أو هي العلة العرضية المتبوعة بنتائج غير متوقعة، تحمل طابع الغائية” ولذلك حين نتذكر كل صدفة وقعت لنا، نجد أنها تطلبت ثلاثة عناصر: تصادم الأحداث، ووقوعها في نفس الوقت، بالإضافة لوجود بعض الارتباطات الغامضة، ولو مرت بك صدفة غيرت حياتك وأنت تقرأ المقال، ستجد أن هذه العناصر كانت أساسية فيها. ليس هذا فحسب، بل قد تكون مررت بإحدى المصادفات الأكثر شيوعاً التي تشمل التفكير بشخص، أو رغبة الاتصال به، ثم تجده يتصل بك، أو تلتقي به صدفةً بشكل غير متوقع.

والقارئ للروايات، يجد أن المصادفة كانت السبب الرئيسي في وقوع الأحداث، فإن معظم القصص فيها تحدث مصادفة، أشهرها رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، التي كانت المصادفة وحدها ماجعلت راسكولنيكوڤ مجرمًا، أو مصادفة بطل رواية الصبية والسجارة لبونوا ديتيرتر، والتي تُعد إحدى روايات الديستوبيا الساخرة، التي كانت رغبة البطل في تدخين سجارة فقط، سببًا في تغيير حياته للأسوأ، وغيرها من القصص التي تحمل ذات الطابع، ولم أذكرها هنا، إلا لأنها في الحياة الواقعية تكون أجمل من تلك التي بين دفتي كتاب، وهذا مايجعل مصادفة استراحة نيوتن تحت الشجرة، سببًا في اكتشاف قانون الجاذبية حين سقطت التفاحة على رأسه.

ولذلك حين تقع لي مصادفة ما، وأحببت وقعها عليّ، أقوم بتصوير ما يربطني بالمكان الذي حدثت فيه، أو الكتابة عنها في أي مكان، يجعلني هذ أتذكر الوقت والتاريخ ومشاعري حينها، فإن تخليد حدث وقع عن طريق المصادفة، وكان سببًا في تغيير حياتنا، يكون بمثابة هدية ثمينة لأنفسنا في المستقبل حين نعيد تذكُّره عن طريق ماقمنا بطريقة حفظه، فيمكن لمصادفة حدثت، أو ستحدث أن تجعلك سعيدًا، حينها ستدرك أن لحظة واحده فقط، كانت كفيلة بتغيير حياتك لأفضل ممّا تتوقع.

i1_nuha@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *