الصين مصنع العالم، ليس مجرد شعار بل هو حقيقة وواقع لسياسة تنموية منتجة، بعيدة كل البعد عن النهج الإستهلاكي الذي بدأ يغزو الدول النامية في العقد الحالي بدعوى التنمية، بدلاً من نموذج متكامل لتنمية صناعية منتجة تقود في النهاية إلى اقتصاد قوي، ورفاهية العيش في الصين، بل وفي العالم أجمع.
لا يكلّ لسان حال صديقي الدكتور محمد الهجيني، مؤلف كتاب ادارة الجودة الشاملة .. إنطلاقة الصناعات اليابانية في الأسواق العالمية، وأنا أسمعه يقول: شكراً للصين والصينيين، إنهم يساهمون في توفير السلع والخدمات بمختلف أنواعها لكل شعوب العالم بجودة عالية، وأثمان معقولة، وابداعات تدخل السعادة والراحة والرضا إلى قلوب سكان الكرة الأرضية.
أتفق مع الدكتور الهجيني أن الصين أصبحت إحدى الركائز الرئيسية في رفاهية شعوب العالم، حيث تلبي بشكل كبير احتياجات ورغبات المستهلكين، وذلك بفضل صناعاتها المتنوعة، وابتكاراتها المتقدمة، وأسعارها الإقتصادية، والتي أضافت قيمة مضافة للمستهلكين في جميع انحاء العالم.
لقد أصبحت الصين، وبفضل إستراتيجياتها الاقتصادية المنتجة، رائدة في العديد من المجالات الإقتصادية والتكنولوجية، وذلك من خلال التصنيع واسع النطاق، وقدرتها الإنتاجية الهائلة، ومرونتها التنافسية المتعاظمة، والتي تدعمها موارد بشرية مبدعة، وبنية تحتية متطورة، كل ذلك جعل منها وجهة المستهلكين الأولى عالميا لتحقيق وإشباع حاجاتهم ورغباتهم.
وتجدر الإشارة أيضا الى قول الدكتور الهجيني: إن الصين تخطَّت أنماط الصناعات التقليدية، واتجهت نحو الابداع والابتكار التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا النظم الادارية والمالية والصناعية، وإختراع وتوظيف الروبوتات الشبيهة بالإنسان، بالاضافة الى دخول الصين في مجالات صناعية متطورة جدا مثل إنتاج شرائح النانو الإلكترونية، وصناعات الأدوية، وأجهزة الرعاية الصحية، والصرف بسخاء على التعليم والبحث العلمي، دون التفريط في أسس ومعايير قوانين الحفاظ على البيئة، والطاقة النظيفة، والمبالغات السعرية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل دول العالم العربي مجتمعة تمتلك خصائص لإنشاء نموذج صناعي عربي مشابه للصين؟
لا شك ان الدول العربية غنية بالموارد المالية والطبيعية والقدرات البشرية والمواقع الجغرافية الاستراتيجية وتنوع مجتمعاتها وثقافاتها،هذه العناصر تجعل من فرص التكامل الاقتصادي العربي إمكانيات هائلة لوضع استراتيجيات طويلة الأجل للتنمية الصناعية، وتعزيز البنية التحتية، وتحفيز الاستثمارات الأجنبة والمحلية، والتركيز على البحث العلمي، وتطوير الابتكار بإستخدام التكنولوجيا الرقمية في الصناعات، وتوظيف تطبيقات برامج الذكاء الإصطناعي في مختلف الصناعات والخدمات الخ.
وأخيراً، أزعم وبقوة، أن هذه الخطوات، ستحقِّق نقلة نوعية صناعية واقتصادية وتكنولوجية وتحسِّن من رفاهية الشعوب العربية.