في مقال نشره الدكتور عبدالله المدني بجريدة الأيام البحرينية بتاريخ 21 فبراير 2021 بعنوان : {محمد القشعمي أستاذ البحث والتنقيب والتقصي}، قال في مستهله : (حينما قابلته للمرة الأولى على هامش محاضرتي بمعرض الرياض الدولي للكتاب عام 2019 ، فتح لي ذراعه وقبلني وأحاطني بمشاعر الود والاحترام، فشعرت أني أمام أستاذ جليل، من الزمن الجميل، بجسمه النحيل، وسكسوكته المشذبة، وعينيه المرهقتين، وملابسه المتواضعة، ووجهه المحفور بخطوط عمر تجاوز السبعين. كان أشبه بمعلمي المدارس المتوسطة، ممّن تلقينا على أيديهم العلم في المملكة العربية السعودية في ستينات القرن الماضي. لم يكن هناك ما يوحي إطلاقا بأنه جهبذ من جهابذة الأدب والثقافة والبحث والتنقيب في وطنه، لكن هذا هو ديدن العلماء الذين مهما بلغ علمهم وتوسع نشاطهم وارتفع مقامهم، لا يتخلون عن خصلة التواضع والأريحية وإسباغ المودة على تلامذتهم.)
ولد الاستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي عام 1945 في قرية” معقرة” إحدى قرى منطقة الزلفي، وبها أنهى مراحل التعليم الأولى قبل أن يحصل على الثانوية العامة من معهد الرياض العلمي، ليبدأ مشواره بالعمل موظفاً بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية (رعاية الشباب)، ومن خلالها تنقل بين مدن المملكة، مسؤولا عن مكاتب رعاية الشباب فيها، وأُسندت إليه سكرتاربة الأسابيع الثقافية السعودية في عدة دول، وترأس القسم الأدبي بالشؤون الثقافية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتولى إصدار سلسلة «هذه بلادنا»، وكان عضواً بالأمانة العامة لجائزة الدولة التقديرية للأدب، ومثَّل المملكة في مناسبات ثقافية، وبعد تقاعده المبكر، التحق بالعمل بمكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض، وأصبح مسؤولا عن الشؤون الثقافية، وأخذ على عاتقه مشروع تسجيل «التاريخ الشفهي للمملكة » بلقاءات مع كبار الأدباء، ورجال العلم والتعليم والمال والاقتصاد، وفي كتابه (تجربتي مع التاريخ الشفوي) الذي صدر في 134 صفحة عن نادي الطائف الأدبي، يستعرض الأستاذ محمد القشعمي، جهوده الدؤؤبة لرصد وتوثيق حياة أكثر 418 من الشخصيات الأدبية والاجتماعية الذين ألتقي بهم، ومامروا به من أحداث ومواقف.
كانت البدايه في عام 1415هـ مع الأستاذ عبد الكريم الجهيمان -رحمه الله-، وانتهت في عام 1438هـ مع الدكتور عبد الواحد الحميد، وخلال تلك المدة التي استمرت نحو 23 عاماً، قام بتسجيل نحو 1000 ساعة عمل بشكل مباشر، امتد الحديث مع بعض هذه إلشخصيات، لأكثر من 9 ساعات.
وتحت عنوان (وقفات سريعة مع بعض مَن سُجِّـل معهم، ومختارات من أقوالهم)، استعرض الأستاذ القشعمي أسماء الأشخاص الذين قام بالتسجيل معهم، ونبذة عن طفولتهم وتعليمهم وحياتهم المبكرة، وأهم الموضوعات التي تطرق لها أثناء التسجيل معهم، ثم يختم بمكان وزمان التسجيل، الذي تم بعضه في مقر مكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض؛ إذ كان يقتنص فرصة وجود بعضهم في زيارة لمدينة الرياض، فيدعوه للمكتبة للتسجيل معه ـ بعد تنسيق مسبق ـ، كما تم التسجيل مع آخرين في منازلهم وفي مناطقهم، فيما يلمس القارئ، حجم الجهد الذي بذله لجمع هذه المادة التاريخية الضخمة.
وعلى متداد رحلته مع الأدب والكتابة لنحو خمسين عاماً، أثرى الأستاذ القشعمي المكتبة العربية بمؤلفات ومقالات ودراسات نشرها في الصحف والمجلات، تناول من خلالها موضوعات أدبية وثقافية، وكان باحثاً ومُنقِّبا بين أوراق التاريخ.
ومن بين ماصدر له:[بدايات ..فصول من السيرة الذاتية] [سادن الأساطير والأمثال عبد الكريم الجهيمان] [البدايات الصحفية في المملكة العربية السعودية] [الأسماء المستعارة للكتاب السعوديين][صحيفة أم القرى: نبذة تاريخية موجزة] رواد الصحافة السعودية، صحافة الأفراد ] [تراجم رؤساء تحرير الصحف في المملكة العربية السعودية] [طه حسين في المملكة العربية السعودية،] (تجربتي مع التاريخ الشفوي) وكتابه الهام والمميز [ معتمدو الملك عبدالعزيز ووكلاؤه في الخارج] والذي فاز عام 2006م بجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في تاريخ الخليج العربي والجزيرة العربية.
وفي عام 2022م، أصدر الأستاذ عدنان السيد محمد العوّامي من إعداده وإخراجه، كتاباً يحمل عنوان: “محمد القشعمي بأقلامهم”، الذي احتوى على العديد من المقالات والشهادات التي كتبها عدد من المحبين والأصدقاء لأبي {يعرب } وأدباء وأعلام من داخل وخارج المملكة في منصّات وصحف إعلامية مختلفة وفي أوقات متفرقة. كما ضم الكتاب سيرة ذاتية موسعة وشاملة لمسيرته والمنجز العلمي والثقافي والأدبي، الذي دوّنه طوال مسيرته في الكتابة والتأليف.