شهدت مدينة جدة قبل أسبوعين حادثة مأساوية تمثلت في اندلاع حريق ضخم في سوق جدة الدولي، ما أسفر عن تدّمير كامل للمحال والممتلكات في السوق الذي كان جزءًا من ذاكرة المدينة على مدار أكثر من أربعين عامًا.
أثار الحريق مشاعر الغصّة والحزن والألم بين السكان خاصةً مع فقدان البعض الذين حاولوا بشجاعة إنقاذ ما يمكن إنقاذه -رحمة الله عليهم-.
هذا الحادث فتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول أسبابه وكيفية تفاديه، يُرجح أن يكون الإهمال البشري وسوء الصيانة أحد الأسباب الرئيسية وراء الحريق. كما يُحتمل أن السوق قد عانى من تهالك بنيته التحتية خاصة شبكات الكهرباء المتقادمة، التي قد تكون لعبت دورًا أساسيًا في انتشار الحريق بسرعة. إلى جانب ذلك، فإن نقص التدريبات اللازمة للعاملين على إجراءات السلامة، وعدم تطبيق أنظمة الكشف المبكِّر عن الحرائق ساهم في تفاقم الكارثة، حيث لم تستطع الأنظمة التقليدية مواجهة الحريق بكفاءة.
العديد من الخبراء يشيرون إلى دور الأخطاء البشرية في التعامل مع صيانة السوق، والبنية التحتية دون الإلتزام الكامل بالإجراءات الاحترازية المناسبة، وأن هذا الإهمال، أدى إلى تفاقم الموقف مع بداية الحريق. بالإضافة إلى ضعف التدريب على إدارة الأزمات والطوارئ، مما ساهم في انتشار الحريق، وزاد من صعوبة السيطرة على الوضع في الوقت المناسب.
هذه الحادثة تستدعي ضرورة التحقُّق الجاد من أسباب الحريق، واعتماد تدابير وقائية صارمة في المستقبل. من أبرز هذه التدابير: تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة المتطوِّرة في مواجهة الحرائق، بما في ذلك أنظمة الإنذار المبكر الذكية، والطائرات المسيَّرة “الدرونز”، والروبوتات المخصصة للتعامل مع الحوادث، واقتحام المناطق الخطرة، كما يمكن استخدام أنظمة “إنترنت الأشياء”، التي تراقب المعدّات، وتكتشف الحرائق، أو العيوب، في الأجهزة، والمعدّات، والمباني بشكل استباقي، بالإضافة إلى استخدام مواد بناء مقاوِمة للحرائق، للتقّليل من احتمالية تكرار مثل هذه الحوادث.
إلى جانب الحلول التقنية، يجب أن يكون هناك تركيز على تعزيز الوعي بين العاملين، والتجار، ورواد الأسواق والمرافق العامة، حول أهمية اتباع إجراءات السلامة الوقائية . يتطلب ذلك إجراء جولات تفتيشية صارمة من قبل الدفاع المدني والمتخصصين بهدف الالتزام بمعايير السلامة في كل مكان، وتوفير برامج تدريبية افتراضية منتظمة، حول كيفية التصرف والتعامل في حالات الطوارئ، والحرائق.
تلك الإجراءات الوقائية والتكنولوجية، قد تقلِّل بشكل كبير من احتمال تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل، كما تضمن سلامة الأفراد، وحماية الممتلكات.