في كل مرة أقرر خوض تجربة خارج منطقة راحتي، أتراجع عنها سريعًا، نتيجة تأثير أحدهم عليّ بالقول. ليس جبنًا مني، إنما درءًا للمخاطر التي قيلت لي خلال التأثير عليّ، وأطفأت حماستي في إكمالها، حتى قررت مؤخرًا، خوض تجربة أخبرت بها شخصًا، فوجدت منه الدعم الذي احتاجه، كان شجاعًا لأن يقول لي: “أنا معكِ” الكلمة التي بإمكانها أن تجعلنا نخوض حربًا تحت تأثير قوتها، ما جعلني أقدم على أمري، بكل حب، مستمعة بطريقي نحو تجربتي حتى لو لم تكتمل.
في الأصل، لا تنصب فائدة أن تشجع أحدًا عليه وحده، بل تشملك أيضًا، فعندما تقوم بحثّ أحدهم على خوض تجربته الخاصة، وتشجّعه، وترى حجم سعادته، فإن ذلك ينتقل إليك، فيؤثر بك إيجابًا من الناحية الفسيولوجية، وتشعر بالبهجة، تؤدي لتحسن صحتك، لأن السعادة لها دور كبير في التأثير على الدماغ، ممّا يجعلك تمضي وقتًا طويلًا، وأنت تشعر بالهدوء، يغلبه المزاج الرائق، ومثلًا على ذلك أن الشخص الذي يقدم الهدية، يكون في الواقع أكثر سعادة من الشخص الذي يحصل على الهدية، ولهذا نجد أن الداعمين لنا، يغلب مزاجهم الهدوء، والإيجابية، والحب، فلا مجال للمشاعر السلبية عندهم كالغضب أو الكراهية، بل نراهم ممتنين لكل شيء حولهم أصحاء، وهذا ما يجعلهم لا يتوقفوا عن نشر طاقتهم لمن هم حولهم، تاركين أثرهم عليهم بنظرة أكثر إيجابية للحياة.
ولا أقصد أن تكون من “حزب اللطافة”، فأولئك يقبعون تحت سقف المثالية المطلقة، ولا كمال في ذلك بل تمام النقصان، لأنه ومهما كانت نظرتنا للحياة بايجابية، هناك مايعكِّر صفوها، ويجعلها أحيانًا قاسية، وهذا ما يجعلنا بالأصل نشجّع غيرنا ونحفِّزهم، لأن النجاح في أصله كان هدمًا، ثم بناء، لذلك من يختار أن يشجعنا، يكون قد خاض معاركه بشجاعة، ويريدنا أن نكون مثله، أو أفضل منه.
لذلك، حين يختارك أحدهم لإخبارك بخطة ما، فإن اختياره لك، كان مبنيًا على ثقة بك، فلولا يقينه بك، لما ترك الجميع من حوله، ولجأ إليك، لأخبارك بما عزم عليه، حتى لو كان مخطئًا، أو أن خطته فاشلة، فإنه اختارك وحدك، فعليك أولًا أن تحفزه وتشجعه، ثم تناقشنه في الخطأ والصواب فيما أقدم عليه، لأن بذلك تكون تركت أثرًا طيبًا بداخله، يجعله بالمقابل يشجع شخصًا أخر لجأ إليه، واستشهادًا بذلك حين لجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجته خديجة رضي الله عنها، عندما نزل الوحي عليه خائفًا مرتبكًا، وأخبرها بما حدث له، كان ردها مملوءً بالطمأنينة والتشجيع أن قالت: “الله يرعانا يا أبا القاسم، أبشر يا بن عم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة، والله لا يخزيك الله أبدا”.
لذلك، إن وجدت أحدًا يشجِّعك، ويصفق بيديه حماسة لك، فكن مثله لغيرك، وحافظ عليه.
@i1_nuha