تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني في اليوم الأول من الميزان الموافق 23 سبتمبر (أيلول) من كل عام، وذلك تخليداً لذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يدي جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-.
ففي مثل هذا اليوم من عام 1351هـ / 1932م، سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م.وطوال سنوات حياته لم يكتف الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى، ببناء هذه الوحدة السياسية لبلادة والحفاظ عليها فقط، بل سعى إلى تطويرها وإصلاحها في المجالات كافة، حتى استطاع بفضل الله عزّ وجلّ أن يضع الأساس لنظام شديد الثبات والاستقرار، مع التركيز على المسؤوليات، وتحديد الصلاحيات، فتكونت الوزارات وظهرت المؤسسات وقامت الإدارات لمواكبة التطور، وأدخلت المخترعات الحديثة لأول مرة في شبه الجزيرة العربية، فحلت تدريجياً محل الوسائل التقليدية،وكان التعليم في مقدمة اهتمامات الملك المؤسس عبدالعزيز طيب آلله ثراه، فقد كان التعليم قبل ذلك يعتمد على ثلاثة مراحل هي: مرحلة التعليم في المساجد، ومرحلة التعليم في الكتاتيب، وكانت المناهج الدراسية في المرحلتين تعتمد على حفظ القرآن والقراءة والإملاء والخط والحساب، والمرحلة الثالثة هي مرحلة التعليم بمدارس أنشئت
بجهود المواطنين في ذلك الوقت، ومن تلك المدارس:المدرسة الصولتية 1291هـ، والمدرسة الفخرية 1296هـ، ومدارس الفلاح: (مدرستان) في مكة المكرمه وجدة، والتي أنشأها الحاج محمد علي زينل عام 1323هجرية. وانطلاقا من اهتمام الملك المؤسس بالتعليم، أنشئت مديرية المعارف في عام 1344 هجرية، فكانت بداية إرساء نظام التعليم للبنين، وفي عام 1355هـ، تاسست مدرسة تحضير البعثات لإعداد الطلبة قبل ابتعاثهم للخارج للدراسات العليا على نفقة الحكومة، ثم تحولت مديرية المعارف عام 1371هـ ، إلى وزارة المعارف، وكان الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، أول وزير لها، وكانت هي المسؤولة عن التخطيط والإشراف على التعليم العام للبنين في مراحله الثلاث: (الابتدائي – المتوسط – الثانوي)، وفي عام 1380هـ، تم إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات، وكانت تضم 15 مدرسة ابتدائية، ومعهد معلمات متوسط واحد، ثم توالت الجهود نحو تعزيز التعليم في ربوع المملكة، إيماناً من قيادتها بأهمية التعليم في النهوض بالمجتمع والدولة، وهو ما نصّ عليه النظام الأساسي للحكم في المملكة، وتحديداً في المادة 13 التي نصّت : “يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النُشّء، وإكسابهم المعارف والمهارات، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم، معتزين بتاريخه”. وعلى مرّ السنوات، شهد التعليم نموًا كبيرا في أعداد الطلاب في مختلف مراحل التعليم. وبحسب الإحصائيات الرسمية، فإن أكثر من 8.5 مليون طالب وطالبة يدرسون اليوم في الجامعات والمدارس السعودية، وهو رقم قابل للنمو في ظل الجهود المستمرة التي تبذل لتعزيز قطاع التعليم، وتوفير بيئة تعليمية متقدمة، تدعم الطلاب في جميع المستويات..وقد بلغ عدد الطلاب في التعليم العام حوالي 6.3 مليون طالب وطالبة، بينما وصل عدد الطلاب في الجامعات إلى 2.2 مليون، تضمهم أكثر من 29 جامعة حكومية، و14 جامعة أهلية والعديد من الكليات والمعاهد الخاصة، وهذا الرقم يعكس التزام المملكة بتطوير نظام التعليم، وتعزيز قدرات الشباب من خلال توفير فرص تعليمية عالية الجودة.
وتؤكد هذه الإحصائيات، الدور الكبير الذي يلعبه التعليم في تحقيق رؤية المملكة 2030، حيث تسعى المملكة الى بناء مجتمع معرفي واقتصادي قائم على المعرفة والابتكار. ولاشك أن التعليم من الركائز الأساسية لتحقيق هذه الرؤية الطموحة، ويظهر ذلك بوضوح من خلال الزيادة المستمرة في أعداد الطلاب والطالبات الملتحقين بالمدارس والجامعات في المملكة.
ونتيجة للاستثمارات الهائلة التي توفرها الدولة بقوة لقطاع التعليم بشكل عام، والتعليم العالي على وجه الخصوص.
تميزت الجامعات السعودية بقدرتها على منح مزايا تنافسية لأعضاء هيئات التدريس، وهو أمر ساهم في تشجيع، واستقطاب الكفاءات العالمية، الأمر الذي كان له انعكاس واضح على مخرجات التعليم، والمنتج العلمي لكل جامعة، وعلى مدى سنوات عديدة، نجحت الجامعات السعودية في حجز مكان لها بين أفضل 300 جامعة في العالم، وأفضل خمس جامعات عربية، كما حافظت على المركز الأول عربياً، ووفقاً لتصنيف “كيو أس” (QS) العالمي للجامعات لعام 2024، فإن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، احتلت المرتبة الأولى عربياً، تلتها جامعة الملك سعود في المرتبة الثانية، وجاءت جامعة الملك عبد العزيز في المركز الخامس.
وبعد، فإن الاحتفال باليوم الوطني، هو تذكير الأجيال الجديدة بكافة الإنجازات التي قام بها مَن سبقهم، ولغرس القيّم الحضارية في نفوس الأجيال الشابة؛ للسير قُدمًا على الخُطى نفسها، وتقديم أفضل صورة عن بلدهم في كافّة المحافل الدوليّة، ونشر الوعي حول ضرورة الحفاظ على الوحدة والّلُحمة الوطنية.