كان أستاذنا الزيدان -رحمه الله- علامة بارزة في حياتنا الأدبية والفكرية، ملهماً بأُستاذيته، وقدوة في تلمذته، موسوعياً في ثقافته، شأنه شأن الكثيرين من أدبائنا الرواد، الذين أَثروا حياتنا الفكريه بألوان من المعارف والآداب والعلوم الإنسانية، فهو الصحفي والأديب والمؤرخ والنسّابة والناقد، تشهد له بذلك أعماله الأدبية التي يزيد عددها عن 20 مؤلفاً، من بينها : “أشياخ”، “مقالات ومحاضرات في الثقافة”، “بنو هلال”، صور، كلمة ونصف، “قضايا ومقالات في الشرق الأوسط”، “مع الأيام”، “ذكريات العهود الثلاثة”،”سيرة بطل”، “رحلات الأوروبيين إلى نجد وشبه الجزيرة العربية، “محاضرات وندوات في التاريخ والثقافة العربية”، “المنهج المثالي لكتابة
تاريخنا”، “كلمة ونصف”، “خواطر مجنّحة”، ” عبد العزيز والكيان الكبير”، “العرب بين الإرهاص والمعجزة”، “تمر وجمر” و”ثمرات قلم”.
وأسلوب الاستاذ محمد حسين زيدان في الكتابة، أسلوب مميَّز، له شخصيته ونكهته، فهو يعتمد على التركيز والايجاز في الجمل والكلمات، وتحرّي الواقع، فيلامسه دون افتعال، أو تصنُّع، كما يغرم بأسلوب الحوار، وبساطة الأداء اللغوي، بما يضفي على كتاباته ملامح السرد القصصي، الذي يشدّ قارئه، كما يلجأ إلى الكلمات المترادفة، والتركيب العامي، ليقترب بقلمة من فهم القاريء، ورداًعلى مايقوله البعض من أن اسلوبه في الكتابة قريب من أسلوب الكاتب الكبير مصطفي صادق الرافعي، يجيب بقوله:” إذا كان التأثر تقليداً فأنا أرفضه، وإن كان التأثر إمعاناً في فهم ما يكتبه الرافعي أو غيره وأنا قارئ بالأذن أكثر من أني قارئ بالعين، فأنا أعبأ بالجرس والرنين والرافعي صاحب جرس ورنين، إذا أردت أن تقرأ الرافعي، فاقرأه بالأذن، أو كما قال أمين الريحاني: إذا أردت أن تقرأ، فلا تقرأ واقفاً، فإن قراءة المار السريع لا تجدي، فالرافعي كنّا لا نفهمه في المساكين، ولا نفهمه في أشياء أخرى، ولكنه عندما رقَّ وكتب في الرسالة، وغرقنا في الغزل، وقرأنا أوراق الورد والسحاب الأحمر، يظهر أن الحب الذي كنّا فيه، أغرانا بأن نفهم الرافعي أكثر فأكثر”.
رحم الله أستاذنا الكبير محمد حسين زيدان، ورحم الله الأستاذ عبدالمقصود خوجه صاحب الإثنينية الذي قام مشكوراً بإعادة طباعة كل إنتاجه الأدبي، فأسدي بذلك خدمة كبيرة للقاريء، للإطلاع على ثمرات تجربة ثقافية رائدة، لعلنا نكون جميعا مقصرين في البحث عن جوانب من حياته هو وغيره من الشخصيات الريادية والرموز الأدبية الكبيرة، بما يستحقونه من دراسه لنتاجهم الفكري الخصب، ولعل تلميذه النجيب ومريده المحب الأديب والصحفي الأستاذ عبدالله الجفري -رحمه الله-، قام بشيء من الواجب نحو أستاذه حين أخرج كتابة الرائع:(الزيدان زوربا القرن العشرين)، وما قام به حفيده المهندس طارق فريد زيدان، حين أصدر قبل أعوام كتاب: (في منزل محمد حسين زيدان)، وهو بذلك يعيد دور جده الريادي في الأدب والتاريخ والصحافة، إلى ذهن المتلقي، إلى جانب دراسة علمية قدمها الباحث فهد العتيبي ذات عنوان :(محمد حسين زيدان كاتباً)، إلى كلية اللغة العربية بجامعة الإمام عام 1424هـ، ولا يزال أدب الأستاذ الزيدان، وأدب غيره من رواد الأدب السعودي، بحاجة إلى جهود طلاب الدراسات العليا والباحثين في جامعاتنا، وإعطائها حقها من البحث والدراسة، ولعل أساتذتنا الكرام المشرفين على الدراسات الانسانية العليا في جامعتنا، يوجهون طلابهم لدراسة حياة وإنتاج هؤلاء الأدباء والمفكرين والشعراء الرواد، دراسة موضوعية أكاديمية رصينة.