جدة – ياسر خليل
يتساءل الكثيرون عن كيفية ضمان سلامة وجودة الطعام، وماهي القوانين والتشريعات السعودية التي تحمي الأغذية، وماذا تعني اللوائح الفنية والمواصفات القياسية التي تصدرها الهيئة العامة للغذاء والدواء، لذلك تطرقت “البلاد” لهذا الجانب لتوضيح مفهوم المواصفات القياسية واللوائح الفنية، وأهميتها، وتأثيرها على الحياة اليومية من خلال حديث بعض المختصين في هذا المجال
بداية تقول الدكتورة نسرين محمد عبدالسلام الأستاذ المشارك بقسم تكنولوجيا وسلامة الأغذية بكلية علوم الإنسان والتصاميم بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة: المواصفات القياسية واللوائح الفنية هي أدوات أساسية لضمان سلامة ومأمونية وجودة المنتجات الغذائية، وحماية المستهلكين، وتعزيز التنمية المستدامة. وبشكل عام، والمواصفات القياسية غالباً ما تكون اختيارية موجهة لمصنعي ومستوردي الأغذية وتستخدم كمرجع قانوني يُستند الية لتحسين جودة الغذاء، بينما اللوائح الفنية الغذائية الزامية وتتطلب رفع مشاريع هذه اللوائح عن طريق إخطارات إلى منظمة التجارة العالمية (WTO) خاصة إذا كانت تؤثر على التجارة الدولية.
وأضافت: المواصفات القياسية هي مثل الأسس التي تحدد متطلبات جودة وسلامة وأداء المنتجات الغذائية. كتلك التي تصدرها هيئات دولية كمنظمة التوحيد القياسي (ISO) والكودكس والتشريعات الدولية الأخرى. على سبيل المثال، نظام المواصفة الدولية ISO 22000 يركز على نظام إدارة سلامة الغذاء ويعزز السيطرة على المخاطر عبر سلسلة التوريد الغذائية بأكملها. وهناك أيضاً المواصفات السعودية التي تصدرها الهيئة العامة للغذاء والدواء، والتي تهدف إلى تحسين جودة وسلامة المنتجات الغذائية بشكل ملموس مثل المواصفات العامة لسلامة الآلات والمعدات المخصصة للاستخدام في البيئة المطبخية.
وتمضي د. نسرين قائلة: أما اللوائح الفنية، فهي قوانين ملزمة تفرضها الهيئة لضمان سلامة المنتجات الغذائية وحماية المستهلكين، مثل اللائحة الفنية السعودية الخاصة بالمواد المضافة في الأغذية، التي تحدد المواد المضافة المسموح بها ونسبها القصوى في المنتج الغذائي. وهناك أيضاً اللائحة الفنية السعودية الخاصة بحدود الملوثات في الأغذية، التي تشمل الحدود القصوى للملوثات الكيميائية والبيولوجية المسموح بها في الأغذية المتداولة. و من اللوائح الفنية الهامة التي تؤثر بشكل مباشر على صحة المستهلك، لائحة تقليل محتوى الملح في الخبز إلى (1/100 جرام) من المنتج النهائي، مما يساهم في تقليل مخاطر الأمراض المرتبطة بارتفاع استهلاك الصوديوم.
وتؤكد الدكتورة نسرين بأن المواصفات القياسية واللوائح الفنية بشكل عام مرتبطة بشكل وثيق، حيث تحدد المواصفات القياسية متطلبات الجودة التي يمكن للشركات اتباعها طوعاً، بينما تضع اللوائح الفنية الإطار القانوني الملزم الذي يجب الامتثال له. وعندما تبرز مشاكل لا تغطيها اللوائح الفنيه او المواصفات القياسية، مثل بعض الملوثات أو المواد المضافة أو بقايا المبيدات، فإنها تحال للتقييم من قبل إدارة تنفيذية مختصة لتقييم المخاطر في الهيئة العامة للغذاء والدواء (SFDA). وبعد إبداء الرأي فيها، تقوم الإدارة التنفيذية للوائح الفنية والمواصفات بدراستها وإصدار القرار بشأنها، وهذا يضمن التعامل مع جميع الجوانب التي قد تؤثر على سلامة المنتجات الغذائية.
وتابعت: المواصفات القياسية واللوائح الفنية هي ضمان لجودة وسلامة المنتجات الغذائية، من خلال التزام الشركات بالمعايير المحددة وتطبيق التشريعات، يضمن المستهلك جودة وأمان المنتجات، مما يعزز الثقة بين المنتج والمستهلك.
من جهتها، تتناول الدكتورة دعاء الطويرقي أستاذ مساعد التغذية والعلوم النفسية بجامعة الملك عبد العزيز التعريف بالمنشآت الغذائية قائلةً: لضمان عمل المنشأة الغذائية بكفاءة، يتعيَّن عليها الالتزام بمجموعة من الاشتراطات والمتطلبات والسياسات والإجراءات للحصول على التراخيص اللازمة. والهدف الأساسي من تطبيق هذه الإجراءات هو حماية صحة الإنسان من المخاطر المحتملة الناتجة عن المضافات الغذائية، والملوثات، والسموم، والجراثيم. ولتعزيز ثقافة سلامة الأغذية، يتلقى العاملون في هذا القطاع تدريبًا مستمرًا يشمل كل ما يتعلق بالمواد الخام، وطرق حفظها، وتخزينها، وطهيها، وصولًا إلى تقديمها للمستهلك. ويتطلب الحصول على التراخيص اجتياز اختبارات معينة، بجانب الفحوصات الصحية لضمان خلو العاملين من الأمراض المعدية. كما تُنفّذ السلطات المعنية، مثل: البلديات والوزارات ذات الصلة، زيارات تفتيشية مفاجئة، لضمان الالتزام بالاشتراطات الصحية.
واستطردت د. دعاء قائلة: يمكن أن تتخذ هذه الجهات إجراءات صارمة مثل: إغلاق المنشآت أو فرض غرامات عند وجود مخالفات. ولعل سرعة التعامل مع بلاغات المستهلكين بشأن تلف أو تلوث الأغذية تُعَدُّ من النقاط الإيجابية في نظام سلامة الأغذية بالسعودية.
وفي السياق، يقول مستشار الإعلام الصحي الصيدلي د. صبحي الحداد: بسبب تناول الطعام الملوث فإنه يمرض أكثر من 600 مليون شخص حول العالم سنوياً، ويتوفى أكثر من 420 ألف شخص كل عام، لذلك لابد من التأكيد على ضرورة سلامة الأغذية في كل مراحل التحضير والتداول والنقل، لإن هنالك أمراض تنتقل من خلال الغذاء مثل التسمم الغذائي، فالمرض المنقول بالغذاء هو عبارة عن مجموعة أعراض تنتج عن تناول أغذية ملوثة بالبكتيريا ، أو بالسموم التي تنتجها هذه الكائنات الدقيقة ، كما ينتج التسمم الغذائي عن تناول الأغذية الملوثة بأنواع مختلفة من الفيروسات والجراثيم والطفيليات ومواد كيماوية سامة مثل التسمم الناتج عن تناول الفطر ، ويعرف التسمم الغذائي بأنه إذا حدث أن أعراض المرض من غثيان وقيء وإسهال ومغص قد ظهرت في أكثر من شخصين تناولا نفس الطعام وأظهرت الدراسات المخبرية أن الغذاء المتناول هو السبب المباشر عن طريق زرع البكتيريا المسببة للتسمم. ويوضح د. صبحي أن التسمم الغذائي الناتج عن البكتيريا يشكّل السبب الرئيسي في أكثر من 80% من حالات التسمم الغذائي.
إلى ذلك، تؤكد الأستاذة هند مجدي أبو يونس إخصائية التغذية العلاجية وحميات للبالغين، أن سلامة الغذاء تلعب دورًا حيويًا في حياتنا اليومية، وتبدأ هذه السلامة من داخل المنازل، فمن الضروري التأكد من نظافة الأدوات المستخدمة في تحضير الطعام وتجنب تلوث الأطعمة النيئة مع المطبوخة. كما يجب الإنتباه إلى طرق تخزين الطعام، مثل حفظ اللحوم في الثلاجة وتجنب ترك الأطعمة المطبوخة في درجات حرارة الغرفة لفترات طويلة. وتعتبر هذه الإجراءات البسيطة جزءًا من مسؤوليتنا لحماية صحتنا وصحة عائلاتنا، فالاهتمام بسلامة الغذاء ليس فقط واجبًا، بل هو استثمار في صحة مستدامة ومستقبل أفضل.