• عدد اللاعبين في دول مجلس التعاون الخليجي تخطى 38.9 مليون لاعب خلال السنوات الأربع المقبلة مع زيادة في الطلب على توطين الألعاب وتقديمها باللغة العربية
• أكثر من 75% من اللاعبين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر يعتبرون تصوير الثقافة العربية أمراً مهماً بالنسبة لهم.
• التقرير المشترك يقدم خارطة طريق تفصيلية تساعد مطوري وناشري الألعاب على الوصول إلى جمهور أوسع في المنطقة
الرياض – هاني البشر
تُعد أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصةً أسواق مجلس التعاون الخليجي، من أهم الأسواق العالمية الواعدة بما تتيحه من فرص كبيرة لتطوير صناعة الألعاب. ففي الوقت الذي تواجه فيه بعض الأسواق العالمية تحديات كبيرة، مثل تشبع السوق وزيادة اللوائح التنظيمية، تحتضن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجتمع ألعاب حيوياً ومتفاعلاً، يتميز بارتفاع معدلات الإنفاق على الألعاب. وتوفر هذه المنطقة بيئة خصبة لنمو شركات تطوير الألعاب التي تدرك أهمية التوطين وتنجح في دمج العناصر الثقافية المحلية في منتجاتها.
نتيجةً لذلك، تعاونت نيكو بارتنرز مع الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية لمساعدة الشركات على فهم خصوصية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتطبيق أفضل استراتيجيات التوطين لضمان النجاح في هذه المنطقة.
ويسلط التقرير، الذي يحمل عنوان ” كسر حاجز اللغة: توطين الألعاب لأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” الضوء على أساليب التوطين الفعّالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة في أسواق مجلس التعاون الخليجي، مستنداً إلى تحليل دقيق لبيانات السوق وآراء اللاعبين ودراسات حالة تتعلق بشركات رائدة في هذا المجال.
وتعليقاً على هذا الموضوع قال تركي الفوزان، الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية: “يرجع الفضل في تحول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى مركز رئيسي للألعاب إلى مجموعة عوامل متعددة، من بينها الدعم الحكومي المتزايد، وانتشار الألعاب المتعددة المنصات، والمهارات الرقمية العالية لدى السكان. وساهمت هذه العوامل في ترسيخ الألعاب كجزء لا يتجزأ من الثقافة المحلية”.
وأضاف: “حَفَّزَ هذا التحول المتسارع في صناعة الألعاب طموحات اللاعبين، ودفعهم لمطالبة المطورين بتقديم تجارب مخصصة وأكثر ابتكاراً. وفي ظل التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم، أصبح التوطين مطلباً أساسياً لإرضاء شغف اللاعبين في منطقتنا.”
• تلبية الطلب المتزايد
بحسب التقرير، من المتوقع أن يصل إجمالي إنفاق اللاعبين في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 3.2 مليار دولار بحلول عام 2028، بزيادة عن 2.24 مليار دولار في عام 2023، مع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 7.7%. ومع ذلك، فإن هذه الإحصائية ليست الوحيدة التي تسلط الضوء على الفرص الواعدة التي تنتظر شركات الألعاب الرائدة في المنطقة.
وارتفع عدد اللاعبين في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي من 33.7 مليون في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 38.9 مليون في عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 2.9% على مدار خمس سنوات. ورغم التقدم الذي أحرزه توطين الألعاب في الأسواق العربية خلال السنوات العشر الماضية، إلا أن شعبية هذه الصناعة يمكن أن تصل إلى مستويات قياسية إذا ما تمت تلبية مطالب اللاعبين المتعلقة بالتوطين العربي.
وتشير دراسة استقصائية مدرجة في التقرير إلى أن أكثر من 75% من اللاعبين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر يعتبرون تصوير الثقافة العربية أمراً مهماً بالنسبة لهم. كما أفاد 41% من اللاعبين الإقليميين أنهم يفضلون لعب الألعاب باللغة العربية فقط أو أنهم يميلون للعب الألعاب المترجمة محلياً. وبالتالي، هناك فرصة كبيرة أمام المطورين والناشرين لاستقطاب جماهير جديدة في مجتمع الألعاب الإقليمي، وهي فرصة يتطلعون لاستكشافها بشكل أوسع في المستقبل.
وكشفت ليزا كوزماس هانسون، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة نيكو بارتنرز: “يهدف توطين الألعاب إلى جذب شريحة أكبر من اللاعبين، خاصة في الأسواق الناشئة. فمن خلال تكييف الألعاب لتناسب الثقافات المحلية، يمكن للشركات الوصول إلى جمهور جديد لم يكن في متناولهم من قبل، الأمر الذي يفضي إلى زيادة المبيعات وتحسين تجربة اللعب بالمجمل. ويساعد ذلك على تعزيز مكانة الشركة في السوق وضمان استدامة أعمالها.”
وأضافت: “لن يقتصر تأثير توطين اللغة العربية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسب، بل سيتجاوز ذلك ليصل إلى الأسواق العالمية. فمن خلال توطين الألعاب، سيتمكن المطورون المحليون من مشاركة قصصهم وثقافتهم مع لاعبين من جميع أنحاء العالم، مما يساهم في تنويع المحتوى المتوفر في صناعة الألعاب”.
وقد وُضعت الأسس لعصر جديد من التوطين، حيث أثبتت العديد من الحالات نجاحاً باهراً في تجاوز الحواجز اللغوية، وتعزيز الانتماء الثقافي، وتقديم تجارب لعب مخصصة تلبي تطلعات اللاعبين الناطقين باللغة العربية.
وتُعد PUBG Mobile مثالاً بارزاً على نجاح التوطين في عالم الألعاب. فمنذ إطلاقها في عام 2018 من قبل Level Infinite، حطمت اللعبة الأرقام القياسية وحققت شهرة واسعة في المنطقة، مما جعلها اللعبة الأكثر تحقيقاً للإيرادات على الأجهزة المحمولة.
وبناءً على ذلك، استعانت Level Infinite بفريق متخصص في التوطين لجمع آراء اللاعبين المحليين، حيث عمل هذا الفريق على فهم الاختلافات اللغوية والثقافية في المنطقة. وقد أدى ذلك إلى تقديم ترجمات وتخصيصات دقيقة تناسب اللاعبين العرب، مع اعتماد اللغة العربية الفصحى الحديثة كلغة أساسية داخل اللعبة.
وتُبرز لعبة Assassin’s Creed Mirage، التي طورتها ونشرتها Ubisoft في 2023، كمثال آخر على أهمية التوطين في عالم الألعاب. وتدور أحداث اللعبة في بغداد خلال القرن التاسع في العصر الذهبي للإسلام، وقد نالت استحساناً كبيراً منذ إطلاقها. وأشاد اللاعبون بجودة التوطين والتصوير الدقيق لثقافة وتاريخ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى النهج المجتمعي الذي اعتمدته اللعبة. ومع ذلك، قد تكون هذه الخطوة هي مجرد البداية للفرص المستقبلية في هذا المجال.
• عوامل نجاح التوطين
في ظل التزايد المتوقع في مشاريع توطين الألعاب، قدم الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية ونيكو بارتنرز مجموعة من التوصيات الاستراتيجية للمطورين والناشرين الراغبين في النجاح في الأسواق الإقليمية. وتُعد هذه التوصيات بمثابة خارطة طريق لتحقيق توطين ناجح للألعاب في المنطقة، وتتضمن:
فهم تفضيلات اللاعبين العرب وتوصياتهم: التواصل المثمر مع الجماهير المستهدفة وإجراء أبحاث مخصصة لفهم احتياجاتهم ورغباتهم بشكل دقيق.
التعاون مع خبراء محليين: يمكن للمطورين استشارة خبراء ثقافيين وتاريخيين ولغويين محليين لضمان تقديم محتوى أصيل يحترم الهوية العربية.
تكييف محتوى الألعاب مع ثقافة المنطقة: يجب مراعاة الخصائص الثقافية واللغوية في منطقة الخليج العربي عند تصميم الألعاب، بما في ذلك الشخصيات، والسرد القصصي، وقوائم الإعدادات، لضمان أن تعكس اللعبة ثقافة المنطقة وقيمها.
التعاون مع مطورين محليين: يمكن لمطوري الألعاب الدوليين التعاون مع استوديوهات محلية متخصصة في تطوير الألعاب وتوطينها من أجل فهم الخصائص الثقافية وتفضيلات الجمهور في المنطقة العربية.
بناء ارتباط عميق مع اللاعبين: التعاون مع اللاعبين والمؤثرين المحليين، والمشاركة في الفعاليات المرتبطة بالألعاب والمحتوى الرقمي، والتواصل مع الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي في المنطقة.