عندما اقترح بعض زملاء المهنة، أن أجسد مقالاتي وما أطرحه في صحيفة مرموقة، تجلى أمامي العديد من أسماء الصحف؛ غير أنني وجدت البلاد” الصحيفة التي تعد باكورة الصحافة السعودية” أفضل مكان ترتع فيه أفكاري وأطروحاتي؛ لأنها المرجع الأول، التي أنجبت العديد من القيادات في العمل الصحفي والإعلامي، وعبر زهاء القرن من عمرها الزمني تنقلت الأم” البلاد” من مرحلة إلى أخرى.
وشهدت فترات صعود وشارفت على الانهيار أحيانًا. ولكنها تجاوزت أزماتها؛ لأنها مبنية على أساس قوي متين. وتبقى” البلاد” شاهدة على تاريخ الصحافة في بلادنا، ومرجعًا مهمًا للمؤرخين الذين يجدون بين دفات ملفاتها القديمة كنوزًا من الأسرار لا تقدر بثمن، وأمام تلك الحقيقة فضلت أن أضع كل ما أملك من الحرف والكلمة والذكريات والمقترحات في العمود، الذي سيحمل كل مكنون بداخلي. البلاد جميلة في كل تفاصيلها وتاريخها وتوازنها الصحفي، لا مكان فيها للانحياز، وديدنها السعي للوصول لرغبات أكبر فئة،
واللافت أن كل الشرائح تقف احترامًا أمام تاريخ” البلاد” التليد. حقًا إنها البلاد الجميلة داخل بلادنا العظيمة، وتستحق الريادة في كل تفاصيلها، من الطرح الإعلامي المتوازن، حيث كانت- وما زالت- منبرًا للآراء الهادفة، ومنارة لنشر الوعي، وعونًا وسندًا للوطن، وحروف حرير تجف منه أرباب الأخطاء. والأكيد أنه بالنقد الهادف والموضوعي والطرح المتزن والتشخيص الدقيق تحيا الأمم وتتطور وتتقدم بخطوات سريعة إلى الأمام. تقوم من سباتها على أنغام الطرح والرأي السديد، وقرع الأبواب المتواصل والإيقاظ المتكرر، حتى لو كان نومها من النوع” الثقيل”.. وآذانها مصابة “بالصمم”.. ودرجة التطنيش لديها قد تجاوزت أعلى المؤشر. نحتاج في هذا الوقت لنقد بناء بعيدًا عن الانفعال لجانب معين على حساب الآخر، ومتى ما وصلنا لذلك، أوقدنا الفكر ووصلنا للهدف المنشود في زمن لا مكان فيه الا لمن يمتك القدرة على الإقناع بالكلمة، ويجسدها بالعمل.
والنقد المرغوب المؤسس المبني على أرضية علمية ومعايير موضوعية لا تخالطها المصالح الشخصية والأهواء.. وحينما يكون النقد موجهًا للمجتمع وسلوكياته، فلابد أن يقدم بأسلوب مقبول، لا يخدش الصورة الجمالية، ولا يطمس كل مميزاته ومكتسباته، ويقدمه على أنه مجتمع غير إيجابي غير قابل للتغيير، أو التجديد. فما أحوجنا للكلمة الهادفة؛ لبناء مجتمع رؤية 2030.