جدة – ياسر خليل
كشف فريق طبي من مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة أن نقص النوم يرتبط بزيادة الجوع، وتحفيز الرغبة الشديدة لتناول الأطعمة وبالأخص التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والكربوهيدرات، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الوزن.
وأوضح كل من نائب مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور فارس الحجيلي، والدكتورة رنيا الشمراني، استشارية طب الأطفال العام والأمراض الصدرية للأطفال وأمراض النوم للأطفال والبالغين، والدكتور عمر قنبر ، الباحث في طب النوم، أن الفرد يلجأ إلى تناول الوجبات السريعة والمحلاة عندما يعاني من سوء النوم في الليل أو من السهر، مما يؤدي إلى السمنة ، إذ أوضح الباحثون بأن عدم الحصول على ساعات النوم الكافية يرسل إشارات للجسم بأنه يمر بظروف غير طبيعية أو تهديد ما، مما يتطلب إبطاء عملية التمثيل الغذائي، ويدفع الجسم لتناول المزيد من الطعام للحصول على طاقة أكبر لكي تعينه على التعامل مع أزمته المتوقعة.
وأضاف الفريق الطبي أن السهر وسوء النوم يؤديان إلى تفاعل الجسم بشكل غير مستقر وغير متوقع مما يؤدي الى اضطراب عام بالوظائف الهرمونية، ومن ذلك اضطراب إفراز الأنسولين، مما يؤدي الى اضطراب بطريقة الجسم في التعامل مع السكر أو حرقه ليمد الجسم بالطاقة، وبالتالي يتم تخزينه في الجسم على شكل دهون وبذلك ارتفاع نسبة الإصابة بالسمنة. كما أن قلة النوم تحفز العقل على اتخاذ قرارات خاطئة، إذ يحدث خمول في الفص الجبهي المسؤول عن اتخاذ القرارات، مما يفقد الجسم السيطرة على انفعالاته وقراراته وهذا يزيد من إقبال الشخص على تناول مثل تلك الاطعمة.
وأشار الفريق الطبي إلى أن دراسات علمية مختلفة كشفت أن قلة النوم من شأنها أن تترك الفرد جائعاً طوال الوقت، فالنوم يؤثر على هرمونين رئيسيين مرتبطين بالشهية، وهما هرمون الجريلين (هرمون الجوع) الذي يزيد إفرازه عند قلة النوم مما يعطي إحساسًا بالجوع ويؤدي إلى تناول المزيد من الطعام، وهرمون اللبتين (هرمون الشبع) الذي يقل إفرازه عند عدم الحصول على نوم كاف مما يزيد إحساس الشخص بالحاجة إلى المزيد من الطعام. لذلك، الأشخاص الذين لا يحصلون على قسط كاف من النوم قد يعانون من زيادة الوزن، بل وحتى زيادة مستوى السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم، وتخزين الدهون.
واستشهد الفريق بدراسة قام بها باحثون في جامعة ليدز البريطانية بينت أن النوم الأقل قد يؤدي الى زيادة في الوزن، خاصة لمن يتبع نظام غذائي أقل صحية. كما تبين أن الذين ينامون ساعات أقل لديهم مستويات أقل من الدهون الجيدة (HDL) التي تساعد على إزالة الدهون السيئة من الدورة الدموية وتحمي بأذن الله من أمراض القلب والشرايين.
ونوه الفريق الطبي أن من يعانون من نقص واضح في ساعات نومهم لا يفقدون الوزن بسهولة، بل إن بعضهم قد يمارس الرياضة بانتظام ويلتزم بنظام غذائي قليل السعرات، إلا أنهم لا يفقدون وزنهم مما يشعرهم بعدم الجدوى مما يفعلونه ويدخلهم في دوامة اليأس والإحباط، فيتوقفون عن الرياضة والالتزام بالنظام الغذائي الصحي، مما يؤدي إلى زيادة أكثر في الوزن، بل وحتى فقدان الأمل في الوصول إلى وزن مناسب.
وخلص الفريق الطبي إلى القول: إن الفهم العميق للعلاقة بين النوم، الجوع، والسمنة يمكن أن يساهم في تطوير استراتيجيات فعالة للتصدي لمشاكل الوزن الزائد والأمراض المرتبطة به، لذلك ينبغي على الأفراد والمجتمع ككل أن يعيروا أهمية قصوى لجودة النوم، حيث أن النوم الجيد ليس رفاهية فقط بل ضرورة صحية تؤثر على جميع جوانب الحياة. وبتضافر الجهود بين الأطباء، الباحثين، والأفراد، يمكننا تعزيز الوعي بأهمية النوم الجيد كجزء أساسي من نمط الحياة الصحي والوقاية من العديد من الأمراض المزمنة.