جدة : البلاد
شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا هائلا على المستوى الرقمي انعكس على مجمل الحياة الاقتصادية، والذي أخذ شكل الاستخدام الواسع النطاق للتكنولوجيا والمنصات الرقمية المختلفة، سواء من جانب الأفراد أو الحكومة، ما ترتب عليه انتعاش في سوق أمن المعلومات بصورة غير مسبوقة، والذي تمثل بنسبة نمو سنوي مركب وصلت إلى 13.78%، وحصة سوقية بلغت 21 بليون ريال سعودي في نهاية عام 2023.
وعلى الرغم من هذا التطور الرقمي الواسع النطاق، فقد ترافق مع الحاجة لوجود بنية مرنة على صعيد أمن المعلومات للحفاظ عليها واستدامة تقديم الخدمات الرقمية بكافة أشكالها للمستفيدين، لذا استدعى مناقشة آخر المستجدات والتحديات والحلول المتصلة بتقنية وأمن المعلومات، الأمر الذي يسلط عليه الضوء “مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024” في دورته الثانية عشر، حيث يعد من أقدم وأهم المؤتمرات التي تضم صناع قرار وخبراء عاملين في مجال تقنية وأمن المعلومات.
ولعل أبرز العوامل التي ساعدت على تحقيق مثل هذا التقدم الرقمي الهائل، هو تطبيق التقنيات المتطورة كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والإنترنت الصناعي؛ للأشياء والتقنيات السحابية المهجنة، وذلك في القطاعين العام والخاص، ومن أشهر تلك المنصات، منصة ” أبشر ” الحكومية، والتي انتشر استخدامها في جميع أجهزة جوال المواطنين والمقيمين؛ بهدف الحصول على الخدمات الصحية والمالية والحكومية والتأمين وغيرها من الخدمات الأخرى، مما جعل المملكة في المركز الثالث عالميا بحسب مؤشر GovTech Maturity – الصادر عن البنك الدولي حول التحول الرقمي الحكومي- هذا إلى جانب تصدرها للمركز الأول عربيا فيما يتعلق بالتنافسية الرقمية.
وعن ضمان المرونة والسرعة في مواجهة التهديدات الرقمية، سيسلط المؤتمر المرتقب الحاجة الماسة لعقد شراكات قوية مابين الجهات الحكومية، والشركات الخاصة والشركاء الدوليين، وذلك لتعزيز نقاط القوة والقدرات لدى جميع الأطراف المعنية لخلق إطار شامل لأمن المعلومات على مستوى المملكة ككل، إذ استقطبت شركات عالمية مرموقة منها: أوراكل التي أعلنت عن استثمارات بقيمة 6 بليون ريال سعودي؛ لتطوير مراكز الحوسبة السحابية المحلية، وأطلقت أخرى استثمارات بقيمة 20 بليون ريال سعودي لإقامة مراكز بيانات وبنية سحابية متكاملة في المملكة، إضافة إلى إعلان جوجل إقامة بنية سحابية جديدة في مدينة الدمام، والمقرر لها أن تضيف ما قيمته 409 بليون ريال سعودي للناتج الوطني الإجمالي، ما بين عامي 2024 و 2030.
ومن المنتظر، أن ينادي المطورين والخبراء من مختلف دول العالم، بضرورة مجابهة التحديات المتصلة بالبنية الرقمية وتأثيراتها على قطاع الأعمال والبنية التحتية، في المؤتمر
الذي يأتي تحت شعار “أمن بيانات مرن: التصدي للتحديات المتغيرة: بيئة تجمع ما بين تقنية المعلومات والتكنولوجيا العملياتية وإنترنت الأشياء والإنترنت الصناعي للأشياء والسحابية المهجنة”، حيث يعتبر ملتقى لتبادل الخبرات والتعاون في قطاع اقتصادي حيوي، ودائم التغير وهو قطاع أمن المعلومات.
جدير بالذكر أن تحول المملكة بقوة نحو البيئة الرقمية وسرعة تنوع القاعدة الاقتصادية بحسب ما جاء في رؤية 2030، رفع متوسط التكلفة المترتبة على أمن البيانات بصورة فاقت المعدل العالمي، ما خلق بالتالي حاجة لاتخاذ إجراءات محكمة على صعيد أمن البيانات، والاستثمار الحكومي في البنية التحتية الرقمية، والذي تكلل بإنشاء الهيئة الوطنية لأمن البيانات وإقامة أربع مناطق اقتصادية خاصة جديدة في نهاية العام الماضي، وإطلاق Cloud SEZ ؛لاستقطاب شركات التقنيات السحابية العالمية.