البلاد – واس – مكة المكرمة
في مشهد إيماني مهيب، وتجسيدًا لما شرّف الله تعالى به المملكة العربية السعودية؛ قيادة وشعبًا، بالمسؤولية العظيمة والعناية الكاملة بالحرمين الشريفين وقاصديهما، قامت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بتغيير كسوة الكعبة المشرفة- كما جرت العادة السنوية- وشاهد ضيوف الرحمن في المسجد الحرام المناسبة الجليلة بمشاعر الفرح والدعوات، كما تابعها- بكل الاهتمام والتقدير- مئات الملايين من المسلمين في العالم على الهواء مباشرة.
فقد قام فريق عمل من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، ليلة أمس الأحد الأول من المحرم للعام الهجري الجديد 1446، بتنفيذ عملية التغيير، وتوزع الفريق المكون من 159 صانعًا على جوانب وسطح الكعبة المشرفة، حسب الاختصاص، وبدأ بتفكيك الكسوة القديمة وتركيب الجديدة، ثم تثبيتها في أركان الكعبة وسطحها.
منظومة دقيقة
وجرى تركيب الكسوة الجديدة، التي يبلغ وزنها 1350 كيلو جرامًا، وارتفاعها 14 مترًا، والمكونة من أربعة جوانب مفرقة وستارة الباب، حيث رُفع كل جنب من جوانب الكعبة الأربعة على حدة إلى أعلى الكعبة المشرفة، تمهيدًا لفردها على الجنب القديم، وتثبيت الجنب من أعلى بربطها وإنزال الطرف الآخر من الجنب، بعد أن حُلّت حبال الجنب القديم، بتحريك الجنب الجديد إلى أعلى وأسفل في حركة دائمة، تلاها إنزال الجنب القديم من أسفل ويبقي الجنب الجديد، وتكررت العملية أربع مرات لكل جنب إلى أن اكتملت الكسوة، ثم بعدها وُزن الحزام على خط مستقيم للجهات الأربع بخياطته.
وبعد أن تُثبت كل الجوانب، تُثبت الأركان بحياكتها من أعلى الكسوة إلى أسفلها، وبعد الانتهاء من ذلك وضعت الستارة التي احتاج وضعها إلى وقت وإتقان في العمل، وذلك بعمل فتحة تقدّر بمساحة الستارة في القماش الأسود، والتي تعادل حوالي 3.33 متر عرضًا حتى نهاية الكسوة و6.35 متر طولاً، ومن ثم عُمل ثلاث فتحات في القماش الأسود لتثبيت الستارة من تحت القماش، وأخيرًا ثُبتت الأطراف بحياكتها في القماش الأسود على الكسوة.
مكونات الكسوة
تتوشح الكسوة من الخارج بنقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء (بطريقة الجاكارد) كتب عليها لفظ (يا الله يا الله) (لا إله إلا الله محمد رسول الله) و(سبحان الله وبحمده) و(سبحان الله العظيم) و(يا ديان يا منان) وتتكرر هذه العبارات على قطع قماش الكسوة جميعها.
وتستهلك الكسوة نحو 1000 كلغ من الحرير الخام الذي صُبغ داخل المجمع باللون الأسود، و120 كلغ من أسلاك الذهب، و100 من أسلاك الفضة، فيما يبلغ عدد قطع حزام كسوة الكعبة المشرفة 16 قطعة، إضافةً إلى سبع قطع تحت الحزام.
وتشتمل الكسوة على 17 قنديلًا تحوي مخطوطات لأدعية “يارحمن يارحيم” و”الحمدلله رب العالمين” و” ياحي ياقيوم” و” الله أكبر” أسفل الحزام، وأربع صمديات مخطوطة لسورة الإخلاص موزعةً على جهات الكعبة الأربعة، وخمس حليات تزين ميزاب الكعبة والحجر الأسود، والركن اليماني وسلسلة مطرزة فوق الركن اليماني إلى جانب الستارة الخارجية لباب الكعبة المشرفة، وبعد إعادة تذهيب الكعبة المشرفة، يتم تركيب حلقات تثبت كسوة الكعبة المشرفة على رخام الشاذروان، يبلغ عددها 60 حلقة مذهبة؛ بهدف تثبيت الكسوة بشكل متسق، أمام العوامل الجوية المختلفة.
هكذا وبأيدٍ وخبرات وطنية عريقة احترفت ونسجت الجمال على كسوة الكعبة المشرقة بخيوط الحرير والفضة والذهب، حيث يقوم عدد من الشباب السعودي المفعم بالحيوية على صناعة كسوة الكعبة المشرفة عبر عدد من المراحل، حيث يعمل بمجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة قرابة 200 صانع وإداري، وجميعهم من المواطنين المدربين والمؤهلين والمتخصصين، حيث يتضمن المجمع عدة أقسام هي: المصبغة والنسيج الآلي، والنسيج اليدوي، والطباعة، والحزام، والمذهبات، والخياطة، وتجميع الكسوة، الذي يضم أكبر ماكينة خياطة في العالم من ناحية الطول، حيث يبلغ طولها 16 مترًا، وتعمل بنظام الحاسب الآلي، إضافةً إلى بعض الأقسام المساندة مثل: المختبر، والخدمات الإدارية، والجودة، والعلاقات العامة، والصحية للعاملين، والسلامة المهنية بالمجمع.