كثيرون هم الكتاب والأدباء والمؤرخون والعلماء، العرب الذين قاموا بزيارة الأراضي والمشاعر المقدسة ووثقوا زياراتهم تلك في كتابات تضمنت مشاعرهم وخواطرهم الشخصية ومشاهدادتهم للأراضي المقدسة وتاريخها وحياة سكانها الثقافية والاجتماعية وطبيعتها الجغرافية، وكان عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين أحد هؤلاء الأدباء والمفكرين حيث قام بزيارة الأراضي المقدسة في شهر يناير من عام 1955م يوم ان كان يرأس اللجنه الثقافية بجامعة الدول العربية ألتي قررت عقد دورتها التاسعة في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية محققة له ماكانت تهفو إليه نفسه منذ زمن بعيد. وكان لرحلته تلك صدى كبير، حيث احتفل بحضوره الأدباء السعوديون والأساتذة المصريون العاملون في المملكة الذين تباروا في الترحيب به -شعراً ونثراً- وكان الشيخ محمد متولي الشعراوي -رحمه الله -الذي كان يعمل أستاذا في كلية الشريعة بمكةالمكرمة ،أحد الذين احتفلوا به حيث ألقى أمامه قصيدة جميلة سر بها الدكتور طه حسين بها كثيرا.
وبعد انتهاء اجتماعات اللجنه الثقافية في مدينة جدة توجه الدكتور طه حسين بالسيارة إلى مكة المكرمة لأداء العمرة. ودخل الحرم من باب السلام.
وتوجَّه إلى الكعبة، فتسلَّم الحجر وقبَّله، واستمر يطوف في خشوع ضارع وبكاء خفي حتى أتم عمرته ، وبعد أداء العمرة طلب أن يسافر إلى المدينة المنوره لزيارة المسجد النبوي الشريف والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم ،وكان مصمما أن يسافر إليها بطريق البر ولكن الطريق كان مغلقاً بسبب السيول التي حدثت في ذلك العام،انتظر أياما في مدينة جدة لعل الأحوال الجوية تتحسن فتصبح الطرق أمنه ولكن انتظاره طال دون جدوى ودون أمل فى تحسن أحوال الطقس ،ولم يكن هناك من وسيلة للوصول إلى المدينة المنورة إلا بالطائرة التي سافر عليها لأول مره في حياته ،ومن المشهور أن الدكتور طه حسين لم يركب الطائرات أبداً من قبل ! لكنه صمم هذه المرة على السفر إلى المدينة وإن بالطائرة ، ووصل إلى المدينة على متن طائرة خاصة مع الوفد المرافق له يوم الأربعاء 2 جمادى الآخرة 1374هـ 26 يناير 1955م.
( يتبع .. )