جدة – ياسر خليل
أكد مختصان لـ”البلاد” أن السعودية تعتبر مدرسة عالمية في إدارة طب الحشود في موسم الحج والذي يفد إليه أكثر من مليوني حاج من جميع أنحاء العالم، وأكدا أن المملكة اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل مع ضيوف الرحمن في موسم الحج وبسواعد سعودية وكفاءات يشار لها بالبنان.
بداية يقول أمين عام اتحاد المستشفيات العربية البروفيسور توفيق أحمد خوجة: تجربة المملكة في موسم الحج تعد فريدة من نوعها على اعتبار أنها تدير أكثر من مليوني حاج في نطاق جغرافي وزمني محدد، مما جعلها مثالا يحتذى به، فقد شرف الله المملكة بخدمة ضيوف الرحمن، وتحرص على تسخير كافة إمكانياتها لتقديم أفضل الخدمات والرعاية للحجاج في كافة المجالات، ومن بينها الخدمات الصحية التي تقدمها وزارة الصحة للحجاج والتي شهدت طفرة كبيرة من حيث الكم والنوع والجودة من خلال منظومة وقائية وإسعافية وعلاجية متقدمة وقوى عاملة إشرافية طبية وفنية ومساعدة على مستوى عال من الكفاءة والتدريب.
وقال خوجة: إنه يتم كل عام إعداد وتحديث الخطط الوقائية الشاملة في موسم الحج والعمرة، وهي خطط تمنع وفادة الأمراض الوبائية والمجهرية التي تخضع للوائح الصحية الدولية وتساعد في الاكتشاف المبكر لحالات الإصابات بالأمراض المعدية ذات الأهمية واتخاذ الإجراءات الاحتوائية والوقائية السريعة حيالها.
وأشار إلى أن القطاعات الصحية المعنية تعمل بكافة أجهزتها على مدار العام لتوفير الرعاية الصحية للحجاج على أعلى مستوى بالرغم من الظروف الصعبة المتمثلة في تواجد أعداد كبيرة من الحجاج على مساحة محدودة من الأرض وفي فترة زمنية قصيرة، وبعض الحجاج لديهم مشكلات صحية مزمنة كالسكر والضغط والربو وأمراض القلب وغيرها، إضافة إلى اختلاف الجنسيات واللغات والعادات والثقافات، والظروف المناخية المتغيرة، فتجربة المملكة في الحج كبيرة في كيفية التعامل مع هذه المناسبات سواء من ناحية التحضير لها، والتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة والتفاعل مع كافة الأحداث، واستخدام سبل الترصد والمكافحة والاستعداد للطوارئ الصحية وغيرها بنجاح منقطع النظير، وكفاءة تشير إليها المؤشرات الصحية السنوية التي تصدرها المملكة كل عام مما شهد له الجميع بذلك.
وخلص البروفيسور خوجة إلى القول:
في إطار رؤية المملكة 2030، تم استحداث برنامج “خدمة ضيوف الرحمن”، والذي يتمثل دوره في تهيئة الحرمين الشريفين، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية، وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، وإتاحة أفضل الخدمات قبل وأثناء وبعد زيارتهم لمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وإبراز الصورة المشرِّفة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، ولتحقيق تجربة روحانية متميزة للحاج والمعتمر، صمم البرنامج رحلتهم في سبع نقاط اتصال رئيسة، تبدأ بنقطة ما قبل الوصول، ثم القدوم والمغادرة، ويليها التنقل، وزيارة الحرمين والمشاعر المقدسة، وأداء النسك بصحة وأمن، وأخيرًا نقطتي الضيافة واكتشاف المملكة.
وفي السياق ذاته، قال عضو المجلس التنفيذي لاتحاد المستشفيات العربية الدكتور علي المبروك أبو قرين، إن النظام الصحي السعودي ينفرد بتقديم نموذج يحتذى به في طب الحشود الضخمة، حيث يقدم خدمات صحية مثالية متكاملة لملايين من الحجاج القادمين من جميع البلدان والقارات بمختلف الثقافات واللغات ولكل الفئات العمرية، ويأتون لتأدية مناسك الحج والعمرة في أوقات وأماكن محددة في طقس شديد الحرارة ، ولهذا العام 1445هـ قامت وزارة الصحة بالمملكة بجهود كبيرة ومتميزة، واستعدادات غير مسبوقة، واستخدام لأحدث التقنيات والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المنظومة الصحية، بكل من المدينة المنورة ومكة المكرمة سبقها تنسيق كامل مع جميع الدول وبعثات الحجيج لضمان الالتزام بالاشتراطات الصحية لتسهيل قدوم وتوديع الحجاج والمعتمرين .
وتابع: تأتي صحة الحجيج في مقدمة الأولويات خلال أداء مناسك الحج ، ولهذا دومًا يستعد النظام الصحي السعودي بإمكانيات كبيرة تغطي كل الأماكن التي يقيم فيها ويتنقل منها وإليها أفواج الحجاج وفي جميع المشاعر المقدسة تشمل المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات الثابتة والمنقولة بتجهيزات طبية حديثة ومتطورة ، مع خدمات المستشفى الافتراضي والعيادات الافتراضية التابعة له التي تقدم الخدمات الصحية عن بعد، مع تطبيق نظام (صحتي) المتميز الذي يتيح للحجاج خدمات الاستشارات الطبية والمعلومات الصحية ، مع الاستعانة بطائرات الدرون لنقل وحدات الدم والعينات المختبرية بين مستشفيات المشاعر المقدسة.
ونوه د. أبو قرين أن الخدمات الصحية في الحج شملت التغطية التامة والمستمرة ببرامج التوعية الصحية بالنشرات التثقيفية وبث البرامج التوعوية عبر الشاشات الموزعة بمقار البعثات والمنافذ والصالات، كما سخرت هيئة الهلال الأحمر السعودي تحت شعار “يسر وطمأنينة” كافة الإمكانيات البشرية المؤهلة للخدمات الإسعافية، وأسطول ضخم من سيارات الإسعاف وعربات الاستجابة السريعة وعربات الجولف والدراجات النارية المجهزة وطائرات الإسعاف الطائر الحديثة، وجميع من لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتقديم الخدمات الصحية مؤهلين تأهيل وتدريب عالي ، وتطبق في كل المنظومة الصحية أعلى معايير جودة الخدمات الصحية وسلامة المرضى ومكافحة العدوى، وبهذه الخدمات الصحية المتميزة التي تقدم للملايين من الحجاج في وقت ومكان محدد لكل هذه الحشود التي تطوف وتسعى وتصعد عرفة وتنفر للمزدلفة وترمي الجمرات وتتحلل وتودع عائدة لبلدانها في كل اصقاع المعمورة في أمن وآمان تحت رعاية وحماية طبية غير مسبوقة بنظام صحي قوي وفعال ومرن.
وسجل د. أبو قرين شكره وتقديره وبالغ امتنانه في ختام تصريحه لكل من ساهم في تأمين الخدمات الصحية الشاملة عالية الجودة لحجاج بيت الله، داعيًا الله أن يوفق القيادة الكريمة والحكيمة وأن تشهد بلاد الحرمين مزيدًا من التوفيق والازدهار والخير.