اجتماعية مقالات الكتاب

الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية “2”

كانت جريدة “البلاد” كما يقول الأستاذ خالد الحسيني: “مدرسة صحفية تعلمنا فيها العمل الصحفي ووجدنا رجالاً يتابعون ما نبعث به في بداياتنا رغم ضعف المكافآت التي بدأت بـ700 ريال، خاصةً أنني أذهب للبلاد من مكة أربعة أو خمسة أيام في الأسبوع وذلك مع انعدام وسائل إرسال المواد وعدم وجود فاكس أو جهاز صور، باستثناء الهاتف الذي كنا نسخدمه أحيانًا في نقل المادة، إلا أن وجود الرغبة للمهنة وتشجيع الأساتذة: عبدالمجيد وعبدالغني وهاشم كانت خلف تحمّل مشقة نقل الأخبار والعمل الميداني مع الالتزام بالعمل الرسمي لعدم التفرغ.

قصص ومواقف ومتاعب وسهر، وتغطية أحداث ومناسبات في مكة المكرمة ،واستمر كل ذلك بانتقاله إلى جريدة الندوة ثم مكتب جريدة الرياض في مكة ثم عودته للندوة مرة أخرى، ولكن البلاد بقيت في أول شريط الذاكرة وعاد للعمل بها من عام 1427هـ إلى 1437هـ. وكانت أيامه في البلاد من أجمل أيامه ،ومن بين الأعمال الصحفية غير المسبوقة التي قام بها : إجراء أول حديث صحفي مع الشيخ محمد طه الكردي المكي -رحمه الله- الذي يعد من كبار رجال العلم والأدب في المملكة وله كتاب ضخم من سته أجزاء بعنوان: (التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم) وكان بارعاً في الخط العربي بأنواعه وله مصحف مكتوب بخطه أهداه للملك فيصل -رحمه الله ،كما أنه كتب سورة الإخلاص على حبه من الأرز،وكتب آية الكرسي على حبه من البيض ،ونشر اللقاء في جريدة البلاد عام 1398 هجرية.

وخلال عمله الصحفي ،شارك لمدة أكثر من 36 عاماً في تغطية مواسم الحج والجولات التفقدية التي كان يقوم بها سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية -رحمه الله- للمشاعر المقدسة التي يرافقه خلالها عدد من الوزراء وكبار المسؤؤلين في الأجهزة الحكومية ولجنة الحج العليا، ويتم في ختامها عقد مؤتمر صحفي. كما أُتيح له دخول الكعبة المشرفة أكثر من مرة عند فتحها في شهر شعبان وفي غرة ذي الحجة سنوياً عند قيام أمير مكة بالتشرف بغسلها نيابة عن الملك، كما تولى تغطية الحفل الذي تم فيه تغيير باب الكعبة المشرفة بأمر من الملك خالد -رحمه الله- الذي حرص على حضور هذه المناسبة وكان ذلك في عام 1399 هجرية وتمت صناعة الباب الجديد من الذهب الخالص.

وإذا كان الصديق خالد الحسيني أعطى لمعشوقته الصحافة حيزاً كبيراً من كتابه ،إلا أنه لم يغفل عن عمله في الوسط التربوي الذي تميز فيه فحظي بإضاءات تـبين مسيرته وجهودة في هذا المجال،
حيث وظّف عمله الصحفي لإلقاء الضوء على الكثير من المنجزات التعليمية والعاملين بها ،وكانت لمحة رائعة منه حين سعى لإجراء لقاءات صحفيه مع العديد من رواد التربية والتعليم في بلادنا ومن بينهم المربي الفاضل الشيخ عبدالله خوجة ـ رحمه الله ـ احد رواد التربية والتعليم في مكة المكرمة، ومؤسس مدارس النجاح الليلية بمكة المكرمة، ومؤسس أول فرقة كشفية في المملكة، كما استطاع بحكم عمله في التعليم الحصول على أول لائحة للمعلمين محققة نقلة كبيرة في مستويات الرواتب فكان له سبق نشرها في جريدة الندوة في عام 1402هجرية ،واستطاع خلال عمله كمعلم ومدير مدرسة، أن يحقق لنفسة مسيرة حافلة بالنجاح والتفوق حيث تولى إدارة مدرستين في العاصمة المقدسة هما :مدرسة الملك خالد الابتدائية والمدرسة الرحمانية الابتدائية التي تعدّ من أقدم مدارس مكة المكرمة حيث تأسست عام 1330 هجرية ومؤسسها هو الشيخ محمد حسين خياط وكانت تسمى مدرسة المسعى لأن مبناها يقع في المسعى. وظلت تحمل هذا الإسم حتى عام 1354هـ.حين زارها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وأطلق عليها اسم والده الإمام عبدالرحمن ، وأصبحت منذ ذلك التاريخ تسمى المدرسة الرحمانية الإبتدائية، وخلال عمله في إدارة مدرسة الرحمانيه ،عكف على تأليف كتابا توثيقيا عن تاريخ المدرسة باعتبارها أقدم مدرسة في المملكة وبذل في سبيل ذلك الكثير من الوقت والبحث والدراسة والجهد ،وقام بكتابة مقدمة الكتاب معالي وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت الدكتور محمد الرشيد -رحمه الله- وحظي الكتاب الذي صدر في عام 1420هجرية بترحيب واسع نظراً لأن المدرسة كانت تضم بين جنباتها منذ نشأتها آلاف الطلاب من أبناء مكة المكرمة ومن كبار المسؤولين في مختلف المجالات

واستطاع أن يصنع للمدرستين (الملك خالد والرحمانية) ،مكانة وسمعة حسنة بالتعاون مع زملائه فيهما جعلت العديد من أولياء أمور الطلبة في مكة المكرمة يسعون ليكون لأبنائهم مقعد دراسي فيهما، ولما عزم على مغادرة العمل التربوي، حاول الأستاذ عليوي القرشي مدير تعليم مكة المكرمة أن يثنيه عن ذلك إلا أنه أصرّ على التقاعد المبكِِّر من عمله في عام 1426 هجري، وقد أقام له زملاؤه في المدرسه حفل تكريم حضره ورعاه الأستاذ عبدالله الفائز وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة وقتذاك ، كما حضرة العديد من الشخصيات وكبار المسؤلين في إدارة التعليم وزملاؤه في المدرسة وقدامى الخريجين.
وبعد ،فإن من أهم ما تميز به كتاب الأستاذ خالد الحسيني :”حياة في الصحافة والتربية”، هو توثيق جميع الأحداث والمواقف والمناسبات والفعاليات بالصور التي احتفظ بها لكل حدث وفعالية، وكانت صوراً نادرة وشاهدة على عمل صحفي مميّز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *