جدة – ياسر خليل
تأثرت بعض صوالين جدة الفنية التي تجاوز عمر 300 عام بتكاليف التشغيل العالية، ماكلفها إغلاق أبوابها بشكل نهائي على الرغم من أنها كانت تقدم نماذج فنية ممتازة ومواهب على أعلى مستوى، وبالتالي فقدت الساحة مصدر مهم لصقل إمكانات المطربين، ومتكأ المثقفين والباحثين عن الارتياح من رهق الحياة بالمؤانسة الاجتماعية، بينما تواصل بعض الصوالين ألقها وتميزها حتى الآن.
ويرى الدكتور صبحي الحداد، الذي يرتاد غالبية هذه الصالونات، أن بعضها أغلق لأسباب مختلفة مثل صالون المهندس مصطفى باجنيد بالكندرة الذي أُغلق بسبب الإزالة بعد 80 عاماً من النشاط، بينمتا صالون الراحل رشاد سمر الدين، أغلق أبوابه مع رحيله، بينما أغلق صالون “ركن الحجاز” لصاحبه اللواء المتقاعد طلال ملايكة، أغلق بسبب تكاليف التشغيل العالية.
وبين الحداد أن صوالين جدة تحرص على إقامة الأمسيات الفنية الطربية على مدار الأسبوع، مع تنافس محموم لاستقطاب وجذب المطربين والعازفين المهرة وأصحاب المواهب الفنية العالية.
وتحدث فايز الجهني عن صالونه الذي توقف نشاطه الفني منذ فترة بسبب التكاليف العالية، قائلاً: بدأ نشاط الصالون قبل حوالي 37 عاماً في خيمة داخل حوش الفيلا بهدف تجميع الأصدقاء، وتطورت الفكرة حتى تم بناء وتجهيز ركن خاص له ليكون ملتقى لأهل الفن والطرب الذين يأتون مساء كل سبت، ولكن أراد الله أن يتوقف بعد فعاليات امتدت لسنوات طويلة.
ويقول رجل الأعمال نور الدين زيني: “تأسس صالوننا قبل 300 عام في مكة المكرمة، وكان جدي -رحمه الله- يستقبل ضيوفه باستمرار لتبادل الأحاديث المنوعة وشؤون الحياة وشجونها، وأكمل والدي -رحمه الله- المسيرة واستمر الصالون في نشاطه حتى انتقل إلى مدينة جدة قبل أكثر من أربعة عقود بسبب ظروف العمل، ولا يزال يعقد جلساته المنوعة الثقافية والدينية والفنية أسبوعياً”.
وأشار صاحب صالون عميد الصهبة الثقافي المهندس محمد عسيري، إلى أن بدايتهم كانت عبر ديوانية في حي الصحيفة قبل 80 عاماً بقيادة عمه إبراهيم عسيري -رحمه الله- ثم تحول مسار الديوانية قبل 55 سنة إلى والده الذي أكمل المسيرة. وأضاف: قبل 16 عاماً تقريباً انتقلنا إلى موقعنا الحالي في حي الصفا، واستمر النشاط حتى اليوم مع الحرص على المحافظة على التراث الفني الشعبي، وتقديم كل ألوان الفنون المحلية والعربية، واكتشاف وتبني المواهب الشابة ودعمها وإعطائها فرصة المشاركة، مع تكريم الفنانين ودعمهم.
وفي السياق ذاته، يقول صاحب ديوانية “أوتار الطرب” حسين زمزمي: بدأنا منذ أربعين عاماً بهدف إحياء التراث الفني والمحافظة عليه وتشجيع المواهب، ومن أبرز إنجازاتنا تكريم الفنانين.
أما جمال سليمان فيتحدث عن صالونه، قائلاً: تأسس الصالون قبل حوالي 25 عاماً وكان جاري الفنان فيصل علوي ضيفاً دائماً، إلى جانب الفنانين والشعراء مثل فواد ينبعاوي ونجيب بطيش وفوزي فنتيانة وعبدالله البريكان وإبراهيم عجلان، حيث يقام الصالون مرة كل ثلاثة أسابيع، ويجمع نخب فنية واجتماعية.
وأكد ياسين طربية صاحب صالون الجلسة الطربية، أن أعمال الصالون بدأت قبل حوالي 35 عاماً بهدف اجتماع الأحبة من الشعراء والفنانين وتبادل الخبرات الفنية والأدبية والبحث عن المواهب وتشجيعها، واستمر نشاطه لفترة زمنية طويلة دون توقف عدا أيام كورونا، مبيناً أن من رواده شعراء وفنانين وأدباء وإعلاميين.
ويقول الملحن وسيم خياط مؤسس ملتقى الوسيم الفني الأدبي الثقافي: بدأ نشاط الصالون منذ 30 عاماً تقريباً وتمّيز بالطرب الأصيل والشعر والنثر، حيث يجتمع فيه نخبة من الفنانيين والشعراء والملحنين، مبيناً هدفه الأساسي هو توطيد الصداقة مع الفنانين والشعراء والملحنين، أبرزهم مدني عبادي، ومجدي مجاهد، وغيرهم، منوهاً إلى أن الصالون كرم الكثير من الفنانين واحتفل بالمناسبات الوطنية والخاصة.
من جهته، قال أسامة صدقة عبدالمنان صاحب صالون منتدى عبدالمنان للفن الراقي: تأسس الصالون قبل سنوات قليلة عندما خطرت لي فكرة جمع الأصدقاء والأحباء من فنانين ورجال أعمال ودبلوماسيين وغيرهم مرة كل شهر لتبادل أحاديث الذكريات والاستماع لبعض الموسيقى، وقد كان. أما الشاعر فوزي فنتيانة صاحب صالون ملتقى الأحباب فيقول: تأسس الصالون منذ أكثر من أربعة عقود، بهدف تعزيز هوية الأغنية السعودية مع ظهور فنانين ذوي مواهب عالية لبناء أجيال مثقفة أدبيا وفنيًا، وقد كان الصالون يجمع عمالقة الفن والشعر والأدب مرة كل شهر.
فيما قال الفنان مبارك القثمي: تأسست ديوانية قيثارة قبل ثلاث سنوات تقريباً بعد اجتماع عدد من الفنانين ورجال الأعمال لتأسيس ملتقى يجمع المواهب والخامات الفنية من أجل الدعم والترفيه وإتاحة الفرصة للمطربين لممارسة هواياتهم. أما صالون قاعة أفراح الحبايب الفنيه ببحرة فيقول صاحبه منصور شراحيلى: النشاط فني ثقافي اجتماعي بدأ عام 1440هـ، والهدف منه اجتماع الأحبة واكتشاف المواهب والحفاظ على التراث الفني الشعبي والشعر والفن التشكيلي.
إلى ذلك، قال اللواء طلال ملايكة: الصوالين الفنية الثقافية هي رافد من روافد نشر الوعي والثقافة والفكر الراقي، وينبغي أن تشمل الفن بأنواعه وليس الطربي فقط والموسيقى، والفن التشكيلي والخط وغيرها، إضافة للمحاضرات التوعوية. وأضاف: في جدة لم أجد صراحة صوالين بهذا العمق والمنطلق، حيث لا يوجد صالون يمزج الفن والطرب بالثقافة، لذلك جاء صالون ركن الحجاز للثقافة والفن الذي أنشأته للمزج بين الثقافة والفنون من خلال محاضرات وندوات توعوية متنوعة وتثقيف في جوانب مختلفة، إضافة إلى حفلات التكريم التي نظمها الصالون.