الحياة مليئة بالأحداث والمناسبات والأفراح والأتراح ويتراوح تأثير المناسبات بين البهجة والفرح والحبور ،أو الإحساس بالألم والصدمة والحزن،وكسر النفس والعجز الذي يقود الى الإحباط .
وهكذا كان عيد هذا العام ينطبق عليه قول المتنبي : عيد بأية حال عدت يا عيد ؟
كانت ولا زالت الغصة والدموع والأحزان والآلام هي عنوان عيد هذا العام لما يجري في غزة من تنكيل وتهجير وتدمير وإبادة جماعية بحق الفلسطينيين.
سأل المذيع الذي أقل ما يوصف به أنه غير حصيف سأل أحد شباب غزة قائلاً: صف مشاعرك في العيد وهنا تلعثم الشاب وبكى وأنهارت قواه ورمى بالمايكرفون أرضا ونظر الى الركام وانعقد لسانه ولم ينبس ببنت شفة وغاب عن الوعي.
وأنا أشاهد هذا الموقف بكيت حسرة وألما ونسيت أنني في عيد.
لاجدال في أن عيد هذا العام يشكِّل علامة بارزة محفورة في الوعي الجمعي للعرب والمسلمين وذلك بسبب حجم الكوارث والمآسي والتي بالضرورة ستترك آثاراً عميقة في نفوس وعقول أجيال عديدة من سكان غزة ، وذلك بسبب الإنفجارات والدمار والموت والأشلاء والجوع بسبب منع دخول المساعدات لأكثر من ستة شهور.
هذه الأوضاع الكارثية ستضع الفلسطينيين أمام تحديات نفسية عميقة مثل إضطراب ما بعد الصدمة والقلق والتوتر والإكتئاب وإضطرابات النوم الخ .. والتي تقود الى الشعور بالعجز والإحباط بسب صعوبة بل إستحالة العيش وإعادة بناء الحياة لسنوات طويلة والعيش بكرامة وسلام وأمان .
كل ذلك يتطلب من المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني ، وضع الإستراتيجيات والخطط والأهداف لتقديم الدعم النفسي والإجتماعي والإقتصادي لمساعدة هؤلاء المنكوبين على التعافي والتشافي والتكيف مع تحديات إعادة بناء النفوس والعقول والقلوب قبل بناء الحجر وإنبات الشجر.
وأخيرا ، إن حجم الكارثة عظيم وآثاره ستمتد الى عشرات السنين وستتذكرها أجيال عديدة حول العالم. وسيسجلها التاريخ بأحرف من دم على سجل من أشلاء سكان غزة.
إنها وصمة عار على المجتمع الدولي العاجز بكل المقاييس عن تنفيذ قراراته.