انتهى شهر رمضان، احتقلنا بعيد الفطر السعيد مؤشر نهاية شهر الصوم والحمد لله على هذا الفضل والنعمة أن بلغنا صوم رمضان.
نعلم أن شهر رمضان له من الصفات التي تميزه عن باقي شهور العام الهجري، منها انشغال النفس البشرية بما يقربها إلى كينونتها الإنسانية الحقيقية التي يطلق عليها الفطرة السوية، بمعنى أن صوم رمضان، يعود بالنفس البشرية الى نقطة البداية للكينونة الإنسانية التي انطلقت إلى عالم متشابك ومخيف تتلاطم فيها أحداث عدة لا يعلم أسرارها ومكوناتها إلا خالق الكون عز وجلّ. هذا ما يميز شهر الصوم عن بقية شهور العام، مدته ثلاثون يوما وهي فترة طويلة في حياة الانسان على هذه الأرض التي أراد الله لها أن تكون مقر للإنسان الذي خلقة من طين وأعطاه الخلافة عليها بأعماله وأقواله.
طبعا، ما يميز شهر رمضان عن غيره من شهور العام رجوعنا إلى كتاب الله سواء في صلاتيْ التراويح والقيام أو من خلال انفرادنا بقراءة آيات الكتاب الحكيم آناء الليل وأطراف النهار،نعم في رمضان نقرأ القرآن، نتدبّر آياته وتكون سبباً في إعادة تفكيرنا (المشوش) إلى نقطة البداية.
ما كتبته نابع عن عقيدتي التي هداني اليها الله عزّ وجلّ، نابعة أيضا من عقليتي التي نشأت في بيئة لا تشوبها شائبة من شوائب التفكير الإنساني الباحثة عن اللهو والمتاع القليل والقصير، والتي تبحث أيضا عن أصلها وأصل الكون التي نشأت فيها.
بدأنا دورة حياة جديدة مع نهاية الشهر الصوم الفضيل، الذي هو ركن من أركان عقيدة الدين الإسلامي. تبدأ دورة حياة جديدة في حياتنا البشرية الضعيفة، هي دورة يمكن أن نصفها بالسباحة والغوص مرة أخرى في بحر تتلاطم فيه أمواج الفكر الإنساني الذي لا يهدأ أبداً في العديد من الأمور التي تعتبر تكراراً لما عاصرناه وشاهدناه في الأعوام التي مضت في حياتنا السابقة (مشاكل العائلة، العمل وغيرها).
يستمر هذا الحال على مدى أحد عشر شهراً أخرى إلى أن يبدأ شهر صوم جديد في حياتنا على هذا الكوكب الكوني الذي يبدأ يومه بإشراقه الشمس وينتهي بحلول الظلام دواليك إلى أن يأتي اليوم الموعود.
باختصار، رغم تكرار الأحداث في حياة الانسان، فالذي يمرّ على حياة الآخرين قد يكون يوماً حدث في حياتك، بمعنى أنه لا يوجد حدث جديد إنما هو تكرار لما يحدث، أليس كذلك؟
يجد الانسان نفسه وكأنه في أمر جديد كلية في حياته، فيبدأ في التفكير والتدبُّر مرات عديدة.
بلى، تأتي الينا الفرص مرة تلو الأخرى، ليس لكي نكون أغنياء، أو يتبدَّل حالنا من السيء إلى الأفضل في معيشتنا الكونية التي لا مفر من هلاكها وفنائها، لكن، تأتي إلينا الفرص لكي نعيد التفكير في الحقيقة التي لا مفر منها، أليس كذلك؟