أصبح إستغراق البشر وإنغماسهم بمختلف أعمارهم في المنصات الإلكترونية ووسائط التواصل الإجتماعي بكل أنواعها وتخصصاتها ، ظاهرة مقلقة ، وتشكّل ضغوطاً نفسية وتتحول الى إدمان التصفُّح، بل وتذهب الى أبعد من ذلك حيث تعمل على تغيير سلوك البشر والطقوس الإجتماعية.
تلك الظاهرة ،إنعكس تأثيرها بشدّة على الأسر ، ووضعها في حيرة ،وتحدّيات كبيرة بالنسبة لتعامل أطفالهم مع تلك الوسائط، والزمن الذي يقضونه في التصفُّح ومشاهدة مقاطع الفيديو والدردشة الخ . وللأسف لا توجد إجابات محددة وشافية بعد، عن مدى تأثير تلك الوسائط على أدمغة البشر وطريقة تفكيرهم وتعاملاتهم.
تجدر الإشارة الى أن هناك بعض الدراسات المحدودة التي تشير الى مدى تأثير هذه المنصات الرقمية على سلوك البشر بجميع أعمارهم سلباً وإيجاباً مثل الضغوط النفسية التي تؤثر على الصحة العقلية للإنسان وتجعل حيز إهتماماته بالأمور قصيرة المدى وسريعة ، وتجعل الإنسان يميل الى العزلة ويعتبر البقاء على الأجهزة الرقمية هي منطقة الراحة الخاصة به .
كما أصبح التعبير في التواصل مع الغير لا يتجاوز كلمات معدودة وجمل قصيرة ، ويعززها بالمشاعر وردود الأفعال المرسومة بالصور ومقاطع الفيديو والكاريكاتير.
أما الجوانب الإيجابية لهذه الميديا ، فهي تتيح للأفراد الفرصة لصياغة الصورة الذهنية التي يودون نقلها عن أنفسهم وشخصياتهم الى أصدقائهم وأحبابهم والمجتمع الذي يتواصلون معه . وتساعد هذه المنصات الكثير من البشر على إحساسهم بالإعتراف والتأكيد والتصديق بكينونتهم وفق آراء ومشاعر متابعيهم بأنهم شخصيات مهمة ولها قيمتها ومكانتها في هذا العالم .
الميديا الإجتماعية جعلت تبادل المعلومات والأخبار أكثر سرعة وإنتشارا فور وقوع الأحداث بالصوت والصورة وأتاحت الفرصة لتحليلات الدخلاء والمجتهدين في رسم صورة مغلوطة وبعيدة عن الواقع وتؤدي الى إنتشار الشائعات والأكاذيب وصياغة الرأي العام بمعلومات مضللة دون إنضباط أو وازع أخلاقي .
وتلعب الميديا الإجتماعية دوراً شديد الأهمية في الإقتصاد العالمي عبر التسويق الإلكتروني وعمليات البيع والشراء عن بعد الخ.
كنا نقول أن فلانا ولد وفي فمه ملعقة من ذهب ، أما أجيال اليوم تولد وفي يديها هاتف ذكي . لذلك أري أن المنصات الإلكترونية وجدت لتبقى وسوف يتواصل تأثيرها على سلوك المجتمعات وتغييره الى الأبد.