جدة : البلاد
تلعب الغابات دورًا حيويًّا للإنسان وكافة الكائنات الحية؛ حيث تغطي ما يزيد على 30% من أراضي العالم، وتحتوي على أكثر من 60,000 نوع من الأشجار، إضافة إلى توفيرها الغذاء والألياف والمياه والأدوية للأفراد والمجتمعات؛ لينعموا بالحياة والاستقرار المعيشي، فضلًا عن دورها المهم في التنوع الحيوي الأرضي، وتغير المناخ بما في ذلك الاحتباس الحراري، فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012، تخصيص يوم 21 مارس من كل عام ليكون يومًا دولياً للغابات، يُحتفى فيه بالغابات بشتى أنواعها، وتجري التوعية بأهميتها، وتُشجّع البلدان في كل يوم دولي للغابات على بذل الجهود على المستويات المحلية والوطنية والدولية؛ للاضطلاع بأنشطة خاصة بالغابات والأشجار يكون من شأنها تنميتها والمحافظة عليها وتوفير الحماية لها، على غرار حملات غرس الأشجار.
وتسهم الغابات في حماية كوكب الأرض من العديد من الظواهر الطبيعية التي تضر البيئة والمجتمعات والأفراد على حد سواء؛ حيث ينتج عن إزالة الغابات ما بين 12 و18% من الانبعاثات الكربونية في العالم؛ “أي ما يعادل تقريبًا كل ثاني أكسيد الكربون من قطاع النقل العالمي”، وعلى القدر نفسه من الأهمية تعد الغابات الصحية واحدة من “أحواض الكربون” الرئيسة في العالم.
وخلال هذا العام، وتحت شعار “الغابات والابتكار.. حلول جديدة لعالم أفضل”، تحتفي المملكة بهذه المناسبة، التي ستنطلق في واجهة روشن بالرياض على مدى ثلاثة أيام بداية من يوم غدٍ الأربعاء؛ حيث تتميز الغابات في المملكة بـنحو 97 نوعًا نباتيًّا تنتشر على مساحة 2.7 مليون هكتار، وهي ما تعادل تقريباً (1.1%) من مساحة المملكة، وتتوزع على ثلاثة أنواع من الغابات، هي: (الغابات الجبلية، والأودية، والساحلية).
وفي هذا الإطار، يعمل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر على تنفيذ العديد من المبادرات والمشاريع والدراسات والمسوحات الميدانية، التي تهدف إلى حماية الغابات وإعادة تأهيليها، كما أعلن مؤخرًا الخطة الاستراتيجية للغابات بالمملكة، التي تُعَدُّ أحد مشاريع برنامج التحول الوطني، وإحدى المبادرات المهمة للمركز تحقيقًا لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للبيئة ومبادرة السعودية الخضراء؛ حيث تستند على ستة مرتكزات رئيسة، هي “الخطة التنفيذية للغابات، والإطار المؤسسي وحوكمة الغابات، وبرنامج الحفاظ على الغابات وإعادة تأهيلها، وبرنامج مراقبة وتقييم الغابات، إضافة إلى برنامج المشاركة المجتمعية، وآليات التمويل”.
وجاء إطلاق الخطة الاستراتيجية للغابات في المملكة انطلاقًا من العناية الكبيرة، التي يوليها المركز للمحافظة على الثروات الطبيعية ومنها الغابات، واستثمارها بشكل مستدام، وذلك بإعداد الخطط السليمة لها لدورها الحيوي ضمن المنظومة البيئية؛ حيث إن غابات المملكة تُشكِّل رصيدًا إيكولوجيًّا فائق الأهمية يعود بفوائد عديدة على البيئة والمجتمعات المحلية وتحقيق التنمية الاقتصادية؛ لذا حرص المركز خلال مراحل إعداد الخطة الاستراتيجية للغابات أن يكون عملًا تشاركيًّا جامعًا، ما يعزز نوافذ التواصل مع عدد كبير من الجهات الحكومية والجامعات ومراكز الأبحاث والجمعيات غير الحكومية والمجتمعات المحلية؛ للبحث وتبادل الأفكار والخبرات في مجالات إدارة الغابات والمحافظة عليها وحمايتها.
كما يقوم المركز بتنفيذ مشروع حصر الغابات في عدد من مناطق المملكة، عبر دراسة أوضاعها بصورة دقيقة، والوقوف على أنواع النباتات وكثافتها وحالتها، وصولاً إلى تنمية الغطاء النباتي، ومواجهة الآفات والنباتات الغازية، والإسهام في تخزين الكربون للتصدي للتغيرات المناخية.
يذكر أن المركز يعمل على تنفيذ العديد من الخطوات في عدد من الاتجاهات، التي تعزز وجود غطاء نباتي مزدهر ومستدام في أراضي الغابات حول المملكة؛ إذ تبنَّى مبادرة لزراعة 60 مليون شجرة وتأهيل 300 ألف هكتار من أراضي الغابات والوديان، إضافة إلى عمله بنظام اللائحة التنفيذية لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر عبر المادة السادسة الخاصة بضوابط الغابات، التي تهدف إلى إعداد وتنفيذ خطة وطنية للإدارة المستدامة للغابات، والعمل على حمايتها والمحافظة عليها وتطويرها، كما يقوم المركز بحظر الرعي في الغابات المحمية، والمتدهورة والمعدة لاعتبارات تنموية وأغراض بحثية، وكذلك الغابات المستزرعة.