تحتفل مملكتنا الحبيبة هذه الأيام بذكري يوم التأسيس على جميع المستويات الشعبية والرسمية بأبعادها الثقافية والتاريخية والحضارية والتنموية ، تقديراً وإحتفاءً وإعتزازاً بمنجزات من سبقونا من ملوك ومواطنين في بناء وطننا الأم، والدفاع عنه والعمل على إزدهاره خلال القرون الثلاثة الماضية وحتى اليوم والغد بإذن الله تعالى .
لقد أجمعت شعوب الدنيا على اعتبار الوطن بمثابة الأم الرؤوم لمواطنيها والمنتمين إليها ،فيه تتحقّق الطمأنينة والإستقرار والعيش الكريم، والإعتزاز بالإنتماء إليه. لذلك أرى أن هناك تماثلاً وتتطابقاً بين تلك المشاعر الوطنية ومشاعر الأمومة الحية بالنسبة للبشر جميعاً. فالأم والوطن يشتركان بقوة في معاني وقيِّم العطاء والنمو والتطور . فالأم تقوم على تربية أطفالها وحمايتهم ورعايتهم ، وتعمل على تحولهم من مرحلة الطفولة الى مرحلة الشباب والنضج والعطاء، وتسليحهم بأدوات البناء والتقدم بما يتماشى ومتطلبات الزمن المتغيرة والمتطورة.
وهكذا يعمل الوطن على تلبية أحلام ورغبات وطموحات أبنائه في كل مراحل العمر ، وهذا يتأتي من خلال رؤية حكيمة ثاقبة لقيادة الوطن، والتي كان من نتاجها رؤية 2030 ، إيمانا وإدراكا بأهمية ودور الوطن في أن يكون مواطنوه فاعلين في شتي ميادين الحياة الواقعية والذكية والإفتراضية القادمة .
وبنظرة سريعة على مخرجات رؤية 2030 ، نجد أن القيادة أدركت أهمية الدور المتغير لكل من الأم والوطن وخصوصاً في عصرنا الحالي ، حيث التقدم والتطور التكنولوجي وتطبيقات الذكاء الإصطناعي وآفاق الفضاء المفتوحة على العالم .
كان من نتاج ذلك كله تأثير شديد الوطأة على المعايير والقيِّم الإجتماعية الدخيلة علينا كردّ فعل لإنغماس البشرية في تطبيقات وبرمجيات التواصل الإجتماعي ، والتي نرى تأثيرها المباشر على معايير العادات والتقاليد والقيِّم والطقوس الإجتماعية الخ . فكان لزامااً على الوطن والأم علي حد سواء ، أن يتعاملا مع هذه المعطيات من خلال فتح آفاق التعليم ووضع النظم والتشريعات الإجتماعية التي تقنّن وتحافظ على حقوق المرأة ومتطلباتها الإنسانية والإجتماعية والإقتصادية ، وإتاحة الفرص العادلة لها في التعليم والتوظيف والإنتاج وإدارة الأعمال ، بل وذهبت الى أبعد من ذلك ،حيث أسست البني التحتية اللازمة لمواءمة متطلبات الأجيال الجديدة والمرأة العاملة والزوجة الأم الواردة في رؤية 2030 حيث يتعثر سردها في حيز هذا المقال .
الوطن و الأم ، صنوان لعنوان العطاء والرقي وتقدم الأمم وأمل الأجيال القادمة.