تأخذ أقرب طائرة من الرياض أو الأحساء، أو الدمام، أو القيصومة أو عرعر أو تبوك أو سكاكا أو حائل أو القصيم أو أبها أو أي مدينة في المملكة العربية السعودية ، ثم تتوجّه لمدينة جدّة في المنطقة الغربية من هذه القارة المترامية الأطراف التي حباها الله بنعمة الأمن والأمان ورغد العيش. عندما تصل مطار الملك عبالعزيز في الصالة الجنوبية الجديدة المخصصة للرحلات الداخلية، أنت أمام أكثر من خيار: إمّا أن تحجز رحلتك نحو البيت العتيق في مكة المكرمة عبر قطار الحرمين السريع في محطته الموجودة في نفس صالة المطار، أو أن تركب الحافلة التي تأخذك إلى المسجد الحرام مباشرة، أو أن تأخذ سيارة أجرة سريعة، أو أن تستأجر سيارة وتقودها بنفسك نحو أم القرى، مكة المكرمة حيث الكعبة المشرفة، مقصدك النهائي في رحلة العمرة الآمنة التي جاءت إيمانا بالله وتصديقا لكتابه واتباعا لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلّم.
هب أنك اخترت قطار الحرمين الشريفين السريع كوسيلة تنقلك إلى مكة المكرمة في رحلة تستغرق 50 دقيقة تقريباً، ستجد هناك حافلات مكة بانتظارك لتنقلك إلى ساحات الحرم الشريف بالمجان من محطة القطار. ستتفاجأ بأعداد المسلمين الذين جاؤوا من كل فج عميق لآداء العمرة ويجلسون معك في نفس الحافلة. تشعر بالفخر والسعادة وأنت ترى تعابيرهم تفيض بالشكر والعرفان لهذه الخدمات الجليلة التي تُقدّم طوال العام.
عندما تؤدي عمرتك وتطوف حول الكعبة الشريفة مع آلاف المسلمين غيرك، فاحمد الله واشكره على نعمه الكثيرة عليك ،ومنها اختياره لهذه الأرض، المملكة العربية السعودية، لكي تكون قبلة المسلمين الذين يأتون إليها من مشارق الأرض ومغاربها، وأن بعث فيها خاتم الأنبياء والمرسلين وأفضل الخلق وسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم لينشر رسالة الإسلام انطلاقاً من مكة والمدينة، أقدس بقعتيْن في العالم، إلى كل بقاع الدنيا.
ثم لا تنس أن تدعو الله أن يحفظ هذه الأرض الطاهرة، المملكة العربية السعودية، وأن يديم عليها نعمة الأمن والأمان ورغد العيش، وأن يجزي قادتها الأوفياء خير الجزاء على جهودكم الكبيرة منذ أن كانت عاصمتها الدرعية في عهد مؤسسها الأول الإمام محمد بن سعود، ومروراً بالإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود في عهدها الثاني، ثم الإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله- الذي وحّد هذا الوطن الكبير تحت اسم المملكة العربية السعودية.
كل ما رأيته في رحلتك هذه هو غيض من فيض؛ فالتطور والازدهار والنهضة الشاملة التي عاشتها وتعيشها هذه الدولة المباركة على يد ملوكها الذين جاؤا بعد الملك عبدالعزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- امتد إلى كل بقعة وكل مجال من مجالات التنمية التي يحتاجها المواطن.
ونحن نعيش يوم التأسيس للمرة الثالثة، لتختم عمرتك بالابتهال إلى الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وأن يوفقهما إلى كل ما فيه خير هذا الوطن وتقدمه، وكل ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين.