رضا لاري رئيسي الخفيف الظل، قلت له ذات يوم، ونحن في مكتبه بجريدة سعودي جازيت: أجمل شيء في الدنيا..، فقاطعني بقوله: السجاد العجمي. وكان الأستاذ رضا قبل عقود من السنين قائماً بالأعمال في سفارة خادم الحرمين في مدريد، وعند انتهاء عمله، زاره أحد جيرانه الأسبان وفاتحه برغبته في شراء الجلّالة (السجادة) التي في صالونه. قال رضا -رحمه الله- :كنت عازماً على التخلُّص منها في أقرب برميل زبالة، وظننت أن الرجل يمزح، لكني قلت له: كم تدفع فيها؟ قال عاقداً حاجبيْه: ثلاثة آلاف دولار؟ قال: فقلت له: هل أنت بعقلك؟ قال : فأخذ يساومني حتى قبلت بيعها، وأنا غير مصدق، بأربعة آلاف دولار.
أجمل شيء في الدنيا كتاب قيِّم،لا السجاد العجمي مهّما غلا، ولا سيارة فاخرة. وليس أقيّم ولا أقوم من كتاب الله. وقد عرض عليّ صاحب مكتبة من مكتبات جدة مصحفاً فاخر الطباعة فخم التجليد ب 25,000 ريال وهو مبلغ ضئيل إذا قارنته بسيارة أو ناقة مزيونة. إلا أني اكتفيت بمصحفي في حجم الكفّ. وقد كنت أحمله خلال التراويح في منزل صديق. وتركته هناك فجئت بعد أشهر، فإذا به على الرف كما تركته. فأخذته، وهنا كان الواجب إستئذان العم علي -رحمه الله – صاحب المنزل. فغاب ذلك عني، وما هو إلا أسبوع حتى فقدته داخل المطاف في البيت الحرام، فتعلمت أن القرآن يحتاج إلى أدب.
وكان يحضر معنا في صلاة التراويح أحد الأخوة المصريين، وكان يتفاعل مع الآيات، فلا تسلْ عن تحسُّره إذا مرّ بآية:( يا حسرةً )، أو إذا مرّ بآيات الخصائص أمثال تلك الواردة في أول سورة “المؤمنون” فيكاد يتأوه :”يا رباه!”، ممّا يشوش على المصلين، ولما سألت عنه شيخي الحبيب حسين بن هادي -رحمه الله- قال: هذا جاهل، لكن جهالته تشفع له مع تركيزه وتدبّره لمعاني القرآن.
ثم عوضني الله عنه في نفس المكان بمجلد كبير مع ترجمة وشرح موجز لتقريب معاني الآيات للقارئ، وقد قامت بإنتاج وطباعة هذا المصحف مع نخبة من العلماء والمترجمين مؤسسة النووي في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقد عثرت ذات يوم في حانوت بمدينة الطيبات بجدة على نسخة مترجمة لمعاني القرآن. ووقعت عيني على ترجمة معنى “أرأيت الذي يكذب بالدين”. ومع أن عندي ترجمات أخرى، لكن هذا الكتاب رغم أنه مستعمل أسرني، غير أن البائع طلب ألف ريال. فخرجت من عنده على أن أعود إليه بعد توفير هذا المبلغ. وفعلاً عدت بعد أسبوع أو اثنين لكن زبوناً آخر خطف هذه النسخة اليتيمة.
إنني موافق على شراء تلك النسخة المعروضة ب 25,000 ريال حالما تتوفَّر الدراهم.
فالقرآن الكريم هو أجمل جمال على هذه الدنيا.