ضمن معترك الحياة اليومية ما بين مسؤوليات العائلة والحياة الوظيفية ، وما يتخللها من مواقف مقلقة، وزحمة الطرق وأصوات أبواق السيارات، وغيرها ممّا قد يسبّب لنا في لحظة ما ، انهيارًا جسديًا يكون نتيجة كل ذلك الإرهاق المتراكم ، الذي لم ننتبه له حتى نسقط، حينها ندرك أننا بحاجة للراحة والعزلة.
في منظور الناس العام أن العزلة هي بسبب نفسي، وكلما قرر أحد تنفيذ قرار العزلة ،هوجم بأنه يعاني من ذلك السبب، وأتحدث عن نفسي كلما قررت الحصول على إجازة واعتزال الآخرين ، بدأت دعوات القهوة والعشاء واللقاء التي تزعجني ، حتّى أصبحت أفضِّل ساعات العمل المرهقة على تلك الدعوات، لأننا وببساطة لا أحد يحترم رغبة شخص في الحصول على عزلة يفضّلها بين قراءة الكتب، وتقضية الوقت في مشاهدة التلفاز لساعات وتناول الطعام، لأن هذا فعل يساعده على التشافي من أيامه المتعبة.
ما جعلني أقرر كتابة هذا المقال ، وعنونته بكلمة: “مع نفسي” ، التي قيلت في حوار مع أحدهم عن رغبة الجميع في قضاء عزلة مع أنفسهم ، على التعافي من كل ضغوطات وتعب الأيام، وقد جرب هذه العزلة الكاتب والصحفي الإيطالي تيزيانو ترزاني، الذي قرّر عزل نفسه لمدة شهر لم يتحدث فيها مع أحد، فقط استمتع بمراقبة الطبيعة ومشاهدة الفراشات، حتى عبّر عن ذلك قائلًا: “أخيرًا أصبح لدي الوقت”.