لن أتحدث لكم عن عشقي وفخري بوطني، بقادة هذا الوطن ، بكثير من الأجهزة الحكومية وغير الحكومية. وطننا اليوم يعيش حراكاً متفوقاً على نطاق واسع – ما شاء الله لا قوة إلا بالله- في كل محافظة فعاليات وأنشطة ومنجزات ، تغيير متسارع ليس عشوائياً ، بل مُخطط له ومدروس بدقَّة ، وكل ذلك نتاج رؤية ثاقبة ومحفِّزة تدفع العقول والطاقات للأمام ، وتحفز الهمم، وتطلق الإبداعات ،وتخلق التنافس ، من أجل أن تكون السعودية ، بلداً عظيماً ، يشار إليه بالبنان ، وتصبح الحياة فيه حلماً يراود الجميع .
ونحن نعيش في هذا البلاد ، نشاهد التقدم ، ونستمتع بالخدمات والأمن ،وتكاتف الشعب مع القيادة ،وترابط المجتمع ، وانتمائه للقيِّم والأخلاق التي جعلت منه شعباً كريماً شهماً نبيلاً ،يشهد بذلك التاريخ ، كما يشهد به كل من تعامل معهم، وعاش بينهم، فكيف لا يملأني
الفخر بهذا الوطن وأهله ؟ ومن هنا أجدني كل يوم مفعمة بالإعتزاز، والفداء لهذا المعشوق ، الذي يتجدَّد عشقه كل حين ، ومن لا يجد في نفسه ذلك ، فهو بحاجة لمراجعة تفكيره ،ودراسة حالته ،فلديه مشكلة.
هذا الوطن الجميل ، يستحق ممّن ينتمي إليه ، كل السلوكيات الجميلة، ليكون من يحمل هويَّته، لائقاً به. ومن هذا التفكير ، دارت في مخيلتي بعض الأفكار: هناك من الأفعال التي يرتكبها البعض، تستحق عقوبات صارمة ،لأجل الوطن الذي يستحق كل التقدير، كما يتوجّب على كل المنتمين إليه ،الشكر لله عزّ وجلّ ، أن جعلهم من أهله ،فبالشكر تدوم النعم .
دعوني أفنِّد لكم بعضاً ممّا جال في فكري من أفعال تستحق العقوبات:
ـ تخلّي الأبناء عن والديهم أحدهما أو كلاهما ، ووضعهما في دور المسنين، في اعتقادي هذا جحود وجريمة أخلاقية حين يكون الأب أو الأم يعيشان تحت رعاية الدولة -حفظها الله- ولديهما من الأبناء والبنات أحياء ومقتدرين مادياً ، أو حتّى غير مقتدرين ، فالبر بالوالدين ليس مالاً فقط ، فالدولة -ولله الحمد- وفَّرت للمسنين من الخدمات مالا يُوجد في غيرها ، ممّا يعين الأبناء على حُسن رعاية والديهم ، لكن لن تستطيع دُور المسنين منحهم الحنان والحب اللذيْن يبحثون عنه في وجوه أبنائهم الذين تعبوا من أجلهم ، وحرموا أنفسهم وأعطوهم ، وسهروا الليالي ومنحوهم حبهم ودعواتهم ، وقاموا بالكثير لأجلهم، فهل يستحق أي أب أو أم إبعادهما وتجاهلهما في دور المسنين ؟ مثل هؤلاء الأبناء الذين يتغاضون عن رعاية والديهم والاعتناء بهم وخدمتهم والتخلّي عنهم ، أرى عقابهم ضرورة حتّى لا يتفشّى التخلّي عن الوالدين ، وتُستساغ جفوتهم ، وإنكار أهميتهم.
ـ من يسافر خارج الوطن ، ويقوم بتصرفات وأعمال تسئ لسمعة السعوديين ، مثل هؤلاء ، يجب أن يُمنعوا من السفر، فالمسافر خارج وطنه هو سفير للوطن، عليه الاستمتاع والاستفادة والتجوُّل ، ولكن بأدب واحترام لنفسه ووطنه وقوانين البلد التي ذهب إليها، فتصرفات الأفراد كثيراً ما تُحسب -للأسف-على شعب كامل ، وأعتقد أنه من الضرورة توقيع المسافرين على تعليمات وتعهدات بالإلتزام بذلك، كما أنه من الضروري معرفة المسافرين بأنظمة وقوانين الدول التي يسافرون إليها ،حتّى لا يقعوا في مواقف محرجة لهم ولوطنهم.
ـ وقفنا مرةً في طريق سفر من جدة إلى الطائف عند محطة لشراء ماء ، وكان الوقت متأخراً ، والمحطة تخلو من السيارات ، والحقيقة لا يمكن وصف المنظر، فقد كانت الأرض، تكاد لا تُرى من الأكياس والزجاجات الفارغة والأوراق وعلب العصيرات
المسحوقة من السيارات،كانت الأرض ملوّنة بالمخلّفات.
حقيقةً إنه لأمر مخجل ،مسؤول عنه أصحاب المحطات والمراكز، فلا بدّ قبل الإغلاق ، من تفقُّد الوضع ، ثم إن الكاميرات يجب أن ترصد من يقومون بذلك ،وتفرض عليهم غرامات صارمة توقف هذه التصرفات غير اللائقة ، فمن لا تمنعه أخلاقه وتربيته، تمنعه الدولة حفاظاً على صورة الوطن.
وكما هو الحال في المحطات، هو كذلك في الطرقات والمرافق العامة ، فنظافتها والمحافظة عليها مسؤولية الجميع.
رائعون أولئك الذين بينهم وبين أقوالهم وأفعالهم (النفس اللوامة) ، التي تعزِّز فيهم الرقابة الداخلية، مذهلون أولئك الذين يزنون أفعالهم وأقوالهم قبل طرحها للآخرين ، ما أجملهم الذين يحاكمون ما يريدون قوله أو فعله قبل أن يهمّوا به.
قال الله عزّ وجلّ :(بل الإنسان على نفسه بصيراً ولو ألقى معاذيره) ،هو شاهد على نفسه ، وما تقوم به من قول أو فعل، فليشهد عليها خيراً. ودمتم.
@almethag