جدة – ياسر خليل
مزاح تحول إلى “مأتم”.. كثيراً ما نسمع هذه الجملة، عندما يتعرض شخص لمزاح “ثقيل” من أحد أقاربه أو أصدقائه يودي بحياته؛ لذلك أكد مختصون لـ”البلاد” أن مزاح “العيار الثقيل” من أجل إعداد مقاطع الفيديو لإضحاك الآخرين تكون عواقبه أحياناً وخيمة، وقد تترتب عليه مشاكل كثيرة- لا يحمد عقباها.
ويقول استشاري الطب النفسي الدكتور محمد إعجاز براشا: من المؤسف أن نشاهد بعض المقاطع، التي تعد من قبل البعض بدافع المقالب لإضحاك الآخرين، قد يترتب عليها عواقب وخيمة، فليس الجميع يتحمل المقالب التي قد تكون من العيار الثقيل، فالتركيبة النفسية تختلف من شخص لآخر، كما أن البعض قد يعاني من أمراض الضغط والسكر، وبالتالي لا يتحمل الموقف.
وقال: إن البعض يعتقد أن هذه المقالب نوع من الترفيه، لكنها في حقيقة الأمر قد تترك أثراً سلبياً، فليس الجميع يتقبل المزاح أو السلوك الذي يعتقد مصوره، بأنه سيضحك الآخرين، فكم من الحالات بالفعل تأثرت بالمزاح الثقيل؛ لذا يجب تجنب إعداد تلك المقاطع التي تؤثر على الآخرين، وتترك في دواخلهم ونفوسهم الأثر السلبي.
ونوه براشا إلى أنه لا يجوز أن يكون المقلب هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن المرح أو التسلية بين الشباب تحديدًا، فنوع المقلب يختلف، فأكثرها للأسف تؤدي إلى وقوع مشاكل.
من جهته، يقول المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: البعض يندفع بطريقة سلبية في إعداد مقاطع المقالب؛ من أجل كسب المشاهدات واللايكات في مواقع التواصل الاجتماعي دون إدراك لتأثير المقطع على الفرد، ودون أي تفريق بين مساعد صناعة الكوميديا والمقلب السلبي المؤثر؛ لذا يجب أن يكون كل من يستخدم التواصل الاجتماعي في بث محتواه واعيًا ومدركًا بين ما يمكن تقبله من الآخرين، وما يمكن عدم تقبله، وكم من المقالب- للأسف- تترك الأثر السلبي عند المشاهدين.
وتابع: وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف قنواتها أصبحت وسيلة سهلة في طرح الصالح والطالح؛ لذا فإن المقاطع المقبولة، هي التي تعتبر في حيزها المعتدل والطبيعي متى اتسمت بالفكاهة والطرافة غير المؤذية للآخر في جسده ونفسيته؛ لأن المقاطع السلبية قد تنتهي- ليس فقط بإيذاء الآخر- بل وبرسم نهاية مأساوية وغير متوقعة، لحدث تحول عن هدفه ليصبح إيذاء وجريمة وشكلًا من أشكال التنمر والعدوان والإهانة للآخر.
وخلص الناشري إلى القول: يختلف تقبل المقلب من شخص إلى آخر، وتلعب شخصية الإنسان دورًا حاسمًا في تحديد هذا التقبل من عدمه، فالبعض قد يتقبلها ويضحك منها، والآخر قد تسبب له ما يمكن أن نسميه اضطراب ما بعد الصدمة، خصوصاً حين يضرب المقلب على وتر حساس لدى متلقي المقلب، فهناك من يعانون من الفوبيا تجاه بعض الأشياء؛ مثل الخوف من الحيوانات الأليفة أو غيرها من الأمور، وعندما يصر البعض على بناء مقالبهم على هذا الخوف، فإنهم يخرجون الأمر من كونه مزحة ليصبح امتهانًا لنفس الآخر.
من جانبها، انتقدت أخصائية الإرشاد النفسي أميمة محمد انتشار مقاطع المزح الثقيل في وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن بعض المقاطع تنتشر لمقالب من الأبناء تجاه والديهم، وبعضها تتضرر منه الصحة والنفس، ويخرج عن حدود الأدب مع الوالدين. وتابعت: للأسف بعض هذه المقاطع قد تتناول العنف والتنمر، وبذلك تعمل على إظهار الأذى المفرط للآخرين، وترسيخ مفهوم العنف والتنمر؛ لذا يجب الالتزام بضوابط المهنية السليمة، ومنع إعداد المقالب المؤثرة على صحة الآخرين. واختتمت أميمة حديثها بقولها: لابد أن يدرك كل من يعد مقاطع المقالب، التي قد تحمل طابع التخويف، أن كبار السن قد لا يتحملون جسديًا ونفسيًا، فتخويف الآخرين ليس محتوى يفتخر به الشخص، لأنه من الممكن أن يسبب أزمة قلبية، وقد يتعرض المريض لمضاعفات- قد لا يحمد عقباها، ومن هنا لابد أن يدرك الجميع أن مقالب العيار الثقيل ممكن أن تؤدي إلى حدوث صدمة، وتؤثر سلباً على الشخص، وقد تصل أحياناً إلى ترك أثر سلبي كبير أو فقدان الشخص، فالمقالب السخيفة التي يفعلها البعض يجب عدم إعادة تداولها وإيقافها نهائيًا.