ربما عبارة “الرأي وضدّه” ليست دقيقة ومعبِّرة في البرامج التلفزيونية، فمعناها هو الرأي والاتجاه المعاكس، كما كانت شائعة في بعض محطات التلفزيون العربية. أما بالنسبة للقضايا الساخنة، فالطرح الموضوعي للموضوع ، يرى كل من الفريقين أنه على صواب والآخر على خطأ، ولا يكون الطرف الثالث حكمًا يفصل بين الطرفين ويكون حكمه ملزمًا. فأين المخرج؟ والأمثلة على ذلك من التاريخ كثيرة.
ففي القديم، كانت المناظرة هي المستخدمة بين اثنين مختلفين في الرأي، ولكن حجتهما علمية لا تميل إلى فئة أو فريق أو حزب، بل هي مجرّدة من ذلك كله. والأهم من ذلك، كانت السيدة عائشة رضي الله عنها في الحرم المكي تتجول في حلقات المناظرة وتوصي المتكلمين ، فلا يزيدون في كلامهم ما يشوِّه التراث العربي والإسلامي بالأساطير، كما كان يفعل ابن الأحمر على سبيل المثال. والمناظرة اليونانية بين أرسطو وبقية الفلاسفة كانت تنتج علم المنطق، فتفيد البشرية بهذا العلم.
ولا يتعارض ذلك مع الإسلام، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن “القيل والقال”، وهذا ما نلاحظه في بعض الفضائيات في العصر الحديث التي تتسابق لتهزم طرفًا آخر على حساب الحقيقة. فالتطهير العرقي وإلقاء القنابل النووية هما هدفان بدأ في الحروب الحديثة، وهدم دور العبادة، أي المساجد بصفة خاصة، من قبل أهل الكتاب.
ودور العلم والمستشفيات كما تظهره نشرات الأخبار والبرامج الحوارية، هما شاهدان على عدم احترام مبادئ الحرب التي حثّ عليها الإسلام. ففي غزوة خيبر، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والأطفال في سن الرابعة عشرة فما دون، أي الذين لم تخضر لحاهم، كما ورد عند ابن كثير.
إن تكوين الرأي العام الوطني والعالمي يرتكز على نظرية الإبطال التي ورد ذكرها بقوله تعالى: “وخسر هنالك المبطلون”، مع التنويه بما حدث في غزوة تبوك، حيث قال عبد الله بن سلول: “ليخرجن الأعز منها الأذل”، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليقتله، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال له: “علينا بحسن الصحبة”.
فداك أبي وأمي يا رسول الله.