جدة – ياسر خليل
تدخل بعض الفتيات في حالة نفسية سيئة؛ إثر رفضها من قبل عريس تقدم لخطبتها عقب “النظرة الشرعية”، ما يخلف العديد من الأسئلة غير المجابة، وتظل العروس تبحث عن أسباب الرفض دون جدوى، وسط نظرات قريناتها غير المريحة؛ لذلك توصي المختصات الاجتماعيات، بأن تكون الفتاة مهيأة نفسياً واجتماعياً للقبول أو الرفض من قبل الشاب؛ لكي لا تدخل في صدمة.
وتقول الأخصائية الاجتماعية تغريد طلال لـ “البلاد”: إن الإسلام شرع النظر إلى المخطوبة للتوفيق بينها والشخص المتقدم لها، وقد يلازم ذلك القبول أو الرفض. ويترتب على ذلك آثار نفسية بناءً على التكوين النفسي والاجتماعي للشخص، ويجب أن تكون الفتاة مهيأة في كل الأحوال من خلال ثقتها بنفسها وتربيتها الصحيحة، والإيمان التام بأن أمر المسلم كله خير.
وأضافت: لنا في ما رواه مسلم في صحيحه من حديث صهيب- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ” عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له”، مضيفة: يجب على المجتمع أن يعي بأن النظرة الشرعية ليست لزاماً أن يتم بعدها زواج، لأنه ربما يكون خيراََ للمرء إنهاء الارتباط مبكراً، وذلك لأسباب عدة، وليس الجمال والمظهر فقط هو ما يمنع الارتباط، إنما الارتياح النفسي، ثم التوافق الأسري والاجتماعي والعقلي والعاطفي، وهي أمور أساسية يجب التحقق منها قبل الشروع في التقدم للخطبة والنظرة الشرعية؛ لذلك يجب على الأسرة زرع هذه المبادئ وإعطاء الثقة الكاملة للأبناء؛ لاتخاذ القرار المناسب لهم.
وخلصت تغريد إلى القول: يجب التنويه بأن يكون للوالدين الدور المهم في تقديم الاعتذار المناسب بالطريقة المناسبة، وبيان الأسباب باللطف واللباقة؛ تقديراً وتخفيفاََ للآثار المترتبة على الاعتذار عن قبول أحد الطرفين.
وتأخذ الأخصائية الاجتماعية غيداء الحمد، جانب الطريقة والصيغة المناسبة في حال عدم التوفيق في الزواج بعد النظرة الشرعية، مع الحفاظ على العلاقات الاجتماعية بين العوائل، قائلة: بداية يجب عدم الكلام بسوء تحت أي ظرف كان، فإن لم يتم القبول بين الطرفين من الناحية العلمية أو الشكلية أو الراحة النفسية بعد النظرة الشرعية، فمن الممكن للأهل أن يتحدثوا لبعضهم، بأنه لا يوجد نصيب ولا توافق، وأن فكرة الخطبة تمت بالبداية؛ لكونكم عائلة يشهد لها الجميع بالسمو والرقي والأخلاق، ونتمنى التناسب معها، ولكن لم يكتب النصيب بالمضي قدماً وتتويج العلاقة بالزواج، وسط الدعوات الصادقة للطرف الآخر بالتوفيق والزوج الصالح والسعادة الدائمة وحياة هانئة، وعدم قول أي سبب آخر وذكر تفاصيل لا فائدة منها.
وتابعت غيداء: للحفاظ على العلاقة الاجتماعية بين العائلتين وعدم انفصالها؛ بسبب عدم تحقيق الزواج يمكن إرسال شيء بسيط إلى منزل الطرف الآخر؛ كتقدير واستمرار الألفة والمودة والرحمة بينهما، وشكرهم على هذه الفرصة واعتذارهم عن الانسحاب والاتصال بعد مدة للسؤال والاطمئنان والتواصل كصلة محبة وصداقة.
وتتطرق الأخصائية الاجتماعية نهى بن عيد إلى دور الوالدين في إقناع العروس، بأن النظرة الشرعية لا تعني إلزامية الزواج، ولا تعني أن جمال شكلها وملامحها السبب وراء الرفض، وأنه توجد مشكلة فيها، فتقول: يجب أن يتعامل الوالدان مع هذا الموضوع الحساس بشكل مفتوح وصادق، وأن يكونا مستعدين للاستماع إلى وجهة نظر العروس والاستجابة لأسئلتها ومخاوفها، ومساعدتها في فهم النظرة الشرعية بشكل صحيح وكامل، وأنها حق مشروع للطرفين، وأنها تعتبر عاملًا مهمًا في تحقيق التعارف وحصول المودة والألفة واتخاذ القرار، فالأرواح جنود مجندة ماتعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف.
وتضيف نهى: النظرة لا تعني حتمية قرار الزواج، فقد تقابل بالقبول أو الرفض من قبل الطرفين، وذلك عندما يظهر الأمر على خلاف المتوقع أو المأمول (ففي النظر احتراز من الغرر وانتفاء للجهل والغش)، وتذكيرها بأن الزواج مسار حياة وقرار مصيري يجب أخذه بحكمة وتأنٍ، وأن الأمور قد تأخذ وقتًا لإيجاد الشريك المناسب، وأن يوضحا لها في حال حدث الرفض بأنه أمر طبيعي، وقد يحدث الرفض مرات متعددة في حياة الإنسان، فقد تكون أنت كعروس رافضة حيناً مثلما كانت مرفوضة في حين آخر، وأن ذلك لا يعني نهاية العالم، وأن الخير فيما يختاره الله لا فيما يختاره العبد لنفسه.
وتؤكد نهى أن تقديم الدعم العاطفي والمساندة وتعزيز الثقة بالنفس، والتشجيع على تأكيد الذات ضرورة لمساعدة الفتاة على التعامل مع الرفض، وذلك من خلال تعزيزهما لقيمتها وجمالها وتقديرها لذاتها، وأن الرفض في النظرة الشرعية لا يقلل من قيمتها وقبولها كشخص، كما يجب أن يدرك الوالدان أن القرار النهائي بشأن الزواج يعود للعروس نفسها، وعليهما أن يحترما قرارها النهائي، بغض النظر عن آرائهما الشخصية.