خلال استمتاع القارئ بالكتب، وضمن خوضه في أقسام الروايات ما بين البوليسي والرومانسي أو الواقعي، بالإضافة لعوالم الأدب من الروسي والأوربي مرورًا بشرق آسيا والأدب العربي، وغيرها، يكتشف خلال كل ذلك أنه بحاجة لأمر كان قد قرأه في صفحة أو تذكر موقفًا من كلمة قيلت ضمن حوار الأسطر.
وهذه الأيام استمتع بتجربتي الأولى في قراءة الأدب الأفريقي برواية ” الأشياء تتداعى” للكاتب النيجيري تشينوا أتشيبي.
لكن ضمن تصفحي واستمتاعي بالرواية، لفتني خلال العادات القبلية للمجتمع الأفريقي، عادة سنوية يكون فيها كل سكان قرية يوموفيا والتي تدور فيها أحداث الرواية، تكون في حالة سلام تكون خلال أسبوع واحد فقط يطلق عليه أسبوع السلام، يقام كل عام فيها وحكاية بطل الرواية التي قام بكسره وعقوبته.
في الحقيقة راودتني أسئلة كثيرة بهذا الامر: ما السلام الذي نحن بحاجته؟، وهل سعينا للحصول عليه ووصلنا له؟، هل السفر أو الجلوس في مكان هادئ يوصلنا إليه؟ وغيرها من الأسئلة التي تسارعت لمزاحمة رأسي بهذا الامر، لأننا في وحقيقته بحاجة ماسة له، بين زخم الحياة العملية والسعي نحو الوصول لحياة يمكننا فيها تدبر أمور معيشتنا.
حاورت شقيقتي بأسئلتي هذه حتى قالت لي: كل انسان يكتشف الطريقة التي بها يشعر فيها بالسلام، حينها تذكرت أني أشعر بذلك ليس بالسفر أو الصمت، بل الجلوس أمام البحر والتحدث مع من لا يحكم علي بسوء أو يشعر بالملل معي.
السعي نحو الشعور بالسلام غالبًا ما يكون أمرًا لا قرار صائب أو خاطئ فيه، لأننا لن نجد الوقت له بالرغم من حاجتنا الماسة له، ولذلك علينا التأقلم من تأخر الشعور به، بالإضافة لاحتساب كل ما يشعرنا بالسعادة ضمن الأيام والساعات، حتى لو قمنا بتجهيز أنفسنا لنيل قسط منه ولو لوقت قصير، لأبد وأن يأتي ما يكدِّر صفو ذلك الوقت، وفي الحقيقة تلك هي متعة السلام المراد الشعور به، ما بعد الشعور بالانزعاج.
لكن الأهم هنا عن متعة اكتشاف ما يشعرنا بهذا الامر، هل هو أمر واحد؟ أم أنها مجموعة من الأفعال تجعل من ممارستها نشعر بالسلام؟، هل ما نقرأه في كتب تطوير الذات وخطابات المؤثرين توصلنا له؟ وأن نكذب على أنفسنا بأن تأثيرهم كان فعالًا في الوصول إليه؟
في الواقع من الخطأ التصديق بذلك، لأنه لم ولن تنجح الطرق التي استفادوا منها في اكتشافه، فقط عبارات يُراد بها النيل من عقلك لتصدقه ،ونيل فرصة الشهرة التي حلم بها، فأفضل ما يمكنك فعله أيها الباحث عن السلام، هو أن تكتشف طريقتك الخاصة حتى لو كنت تقرأ هذا المقال وتقرر أن تنال نصيبك من السلام.
@i1_nuha