جدة – ياسر خليل
يستصعب الكثيرون رد السلف المالية لأصحابها، ما يجعلها في خانة “الديون الهالكة”، وبالتالي يعاني مقدموها من “صدمة الأصدقاء”، وربما يفقد الثقة في الجميع ويرفض بعدها تقديم العون لأي شخص يقصده في حاجة بعد خذلانه من أقرب الناس.
وأكد مختصون لـ “البلاد”، أن البعض- للأسف- يستخدم أساليب التمويه والهروب من رد المكالمات أو تقديم أعذار واهية، وقد يصل الأمر إلى حظر صاحب الشأن على الجوال ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تقول الأخصائية الاجتماعية سهام الحربي: أرى أن الأساس في الصداقة وفي أي علاقة أخرى هي الثقة بدون شروط، عدا الصداقات التي تدور حولها الشكوك مثل أن تكون حديثة أو بُنيت على مصلحة، وفي كلا الحالتين من الأفضل توثيق القرض بالمنّصات الرسمية لتفادي المشكلات المستقبلية.
وقالت سهام: إن الصداقة مثلها كمثل أي علاقة يجب أن يكون أساسها متينًا وقويًا، وللحفاظ عليها يجب تقديم بعض التضحيات والتنازلات؛ من أجل استمرارها لأنها مؤنسة للروح، مؤكدة أن هناك عدة علامات على وجود الثقة المطلقة في الصداقة حتى تصل لإقراض المال بدون الحاجة إلى الإثبات، مثل أن تكون قديمة جدًا وعاصرت الكثير من الظروف التي كان من الممكن أن تنهيها، ولكنها ظلّت ثابتة، وكان أساسها متينًا، وأيضًا هناك بعض الصداقات التي تبيّن ضعفها منذ أول يوم حتى إذا كانت تتمحور حول الاستغلال العاطفي والمادي، وتفتقد الشعور بالراحة المطلقة والانتماء.
من جانبها، تقول الأخصائية الاجتماعية خلود العصفور: “الموضوع حساس للغاية، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية، لكن من الأفضل وضع حدود واضحة عند تقديم المساعدة المالية، مع التأكيد على أهمية التواصل الصريح حول شروط السداد، وقد يكون من المفيد أيضًا البحث عن حلول أخرى، مثل تقديم المساعدة بطرق غير مالية لتجنب الخلافات في العلاقات وخصوصاً الأصدقاء، فبعض الأشخاص يستغلون فرصة عدم وجود أوراق تثبت السلف للتهرب من رد الدين، ويستخدمون أساليب مراوغة؛ منها عدم الرد على المكالمات والحظر على مواقع التواصل.
وأضافت: “من وجهة نظري أرى أن الأوراق مهمة في مثل هذه التعاملات، لأنها تلعب دورًا مهمًا في تجنب المراوغة وحماية العلاقات الشخصية، وقد تساعد في توثيق الاتفاقيات وتحديد شروط السداد، وبالتالي تقليل فرص التهرب والإحراج، كما تسهم في توفير وسيلة للتواصل الفعّال وفهم الالتزامات بشكل واضح، ما يحد من حدوث خلافات وتشويش في العلاقات الاجتماعية، وإذا ما كان الشخص مقدم الدين محرج من الطرف الآخر، أو كيفية أن يطلب منه التوقيع على أوراق ثبوتية يمكنه التعبير عن قلقه بشكل صريح وودود، ويمكنه قول شيء مثل: أشعر بأهمية وجود توثيق رسمي للدين، للحفاظ على وضوح العلاقة بيننا وتفادي أي إشكاليات مستقبلية، هل يمكنك توفير بعض الوثائق لضمان أن تكون الأمور واضحة بيننا؟ لأنه فعلاً قد تحدث مثل هذه المراوغات بين الأصدقاء فيما يتعلق بالمسائل المالية، وتكون هناك مواقف محرجة تنشأ عندما يتعذر على أحد الأصدقاء سداد الدين أو تقديم الوثائق الثبوتية، ومن الأهمية التحدث بصراحة لتجنب الارتباك وحماية العلاقة الصداقة بين الطرفين؛ إذ قد تكون هذه إحدى الطرق الفعالة لضمان حق الفرد”.
وفي السياق ذاته، تقول بدرية المطيري:” ليس هناك شك في أن إدخال الأموال في العلاقة بين الأشخاص، يمكن أن يجعل الأمور غريبة بعض الشيء، لأننا بشكل عام قريبون للغاية ممن نقرضهم، لكن الخبراء يقولون: إن إقراض المال يتعارض مع المحرمات المجتمعية حول مناقشة الأمور المالية ويؤدي إلى اختلال التوازن في هذه العلاقة الوثيقة، وهذا بالفعل هو ما يحدث عندما تقرض أحد الأصدقاء ويتم التهرب من الشخص وعدم الالتزام بالسداد متناسيًا، فإن من يأكل حقوق الناس تكون نهايته صعبة وقاسية ويفقد الدنيا والآخرة”.
وتابعت:” في حال شعر الفرد بالتجاهل ممن قام بمساعدته ماديًا وعدم الرد عليه بعد أخذ حاجته منه، فعليه التحلي بالصبر والحكمة، والبحث عن أشخاص مقربين منه، بإمكانهم التواصل معه والتأثير عليه برد المبلغ المستحق وعدم المماطلة فيه وتذكيره بالله- عز وجل- وبحكم التحايل والتلاعب، وأخذ حقوق الناس بالباطل، لأن أكل أموال الناس بالباطل من أبشع الذنوب وهو ما جاء في الآية الكريمة: “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم”، وقد حذرنا سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- من أكل أموال الناس واغتصاب حقوقهم.