قبل أيام وفي لحظة إسترخاء ، كنت أشاهد صوراً مذهلة للفضاء التقطها تلسكوب جيمس ويب . وأذهلني حجم الفضاء الفسيح الذي لا نهاية له ، فيه تتكون النجوم وتلمع وتنطفئ وتتمدد المجرات ، وفجأة يبتلعها الثقب الأسود الى نهاية سحيقة كما يقترحها العلماء.
هذا المنظر المهيب ، ذكّرني بممارسة الكثير من الرؤساء والمدراء في التعامل مع مقترحات ومشاريع وأفكار موظفيهم ويقومون بإخفائها في الدرج الأسود.
نعم في الغالب كل مدير أو مسؤول لديه درج أسود بل بعضهم لديه سلة سوداء الداخل فيها مفقود للأبد . بعكس الدرج الأسود الذي يمكن العودة إليه وإستخراج بعض الأفكار والمشاريع وتبعث فيها الحياة من جديد. خلال مسيرتي الوظيفية ، تقدمت بمئات المشاريع والأفكار، وللأسف كان مصير البعض منها الدرج الأسود! وأذكر أنني تقدمت بمشروع إستغرق إقتناع الإدارة به قرابة ال 15 عاماً . وأخيرا في لحظة فرج ، وافق أحد رؤسائي على تطبيق المشروع وأدى إلى نقلة عملاقة في مؤسستي.
ولكي نناقش الموضوع مهنياً ، دعونا نتفق على أن معظم المنشآت لديها ما يسمى بالخُرج الأسود بضم الخاء ، تتيح للمدير أن يسمع ويرمي في الخُرج.
مفهوم الثقب الأسود في المنظمات يكون من نتاج بيئة وثقافة العمل في تلك المنظمة ، أو نتاج المناخ العام الذي يحكم توجه أروقة الشركة في غياب نظام واستراتيجية محددة تهتم بآراء ومقترحات وأفكار العاملين فيها.
ولكي نضيء هذا النفق الأسود ،يجب معرفة أسباب رفض المقترحات ووضعها في الحسبان ، ومنها:
أولا : التاريخ الوظيفي لمقدم الإقتراح وحجم الثقة التي يحظى بها في مؤسسته .
ثانيا :يجب البحث عن الأبطال الذين يؤمنون بالتغيير وقبول الفكرة وإشراكهم في الإعداد والتصميم .
ثالثاً : البحث عن وكلاء التغيير الذين يساهمون في التخطيط والتدريب ومراقبة النتائج والتغلب على العقبات .
رابعا :التواصل مع الرعاة الذين لديهم الصلاحيات والقوة المؤثرة في توفير متطلبات تطبيق الفكرة مالياً وتنظيمياً .
خامسا :البحث عن المستهدفين للتغيير والتعامل مع سلوكياتهم وعواطفهم وردود أفعالهم تجاه قبول التغير أو رفضه حيث يجب التركيز على العائد الملموس للمستهدفين.
وأخيرا ، إذا كنت من المبدعين ولديك أفكار ، هذا لا يكفي بل يجب عليك أن تحطِّم النفق الأسود في منظمتك أولاً ، وذلك من خلال إستراتيجية ترسمها بعناية وذكاء تشع ضوءاً مبهراً تنذر بولادة نجم جديد. ..