جدة – ياسر خليل
كشف مختصون أن الضغوط النفسية والعاطفية وراء تعرض بعض الأشخاص للقلق والاكتئاب، بجانب عوامل أخرى كالوراثة والبيئة.
وأكدوا لـ”البلاد” أن تعزيز الوعي الصحي وسعي الأشخاص للعلاجات ومنها الدعم النفسي والعلاج الدوائي المناسبين للأفراد الذين يعانون من حالات القلق والاكتئاب ، يسهم في الحدّ من معاناة الأفراد.
يقول الاخصائي الاجتماعي صالح هليّل: “هناك زيادة في حالات القلق والاكتئاب بين الأفراد في الوقت الحالي، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى الضغوط النفسية والعاطفية التي تنتج عن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، مثل الضغوط المالية وفقدان الوظائف، والعزلة الاجتماعية، وقلة الدعم الاجتماعي، كما لهذه الحالات صلة بالمشاكل الصحية والتحدّيات الشخصية، وهنا الواجب علينا أن نعزّز الوعي الصحي ونسعى لتوفير الدعم النفسي والعلاج المناسب للأفراد الذين يعانون من حالات القلق والاكتئاب.
وتابع هليّل: “من المسبِّبات الشائعة لحالات القلق بين الجنسين ، الضغوط النفسية والعاطفية في الحياة اليومية، مثل الضغوط العملية والعائلية، وأيضًا التغيرات الهرمونية، مثل تغيرات الهرمونات المرتبطة بالحمل والولادة أو في فترة انقطاع الطمث، بجانب الأحداث الحياتية الصعبة، مثل فقدان العمل، الانفصال، الوفاة، أو تجارب سلبية أخرى ، وهناك أيضا العوامل الوراثية والعامل البيئي، وسوء التغذية وعدم ممارسة النشاط البدني بانتظام، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية الأخرى مثل الاضطرابات النفسية العامة واضطراب الهلع ، وأيضا تعرض الشخص للعنف أو الإساءة الجسدية أو الجنسية في الماضي”.
ويؤكد هليّل أنه من المهم جدًا استشارة الطبيب المختص إذا كان الفرد يعاني من حالة قلق تستمر لفترة طويلة أو تؤثر سلبًا على حياته اليومية، وهنا ينصح بالتواصل مع متخصص صحي لتقييم الحالة وتقديم المشورة المناسبة.
وفي السياق تقول الاخصائية الاجتماعية إهداء الغامدي: “القلق هو حالة عاطفية تنشأ نتيجة التوتر والتفكير الزائد، وقد تشكو النساء بشكل عام من مستويات أعلى من القلق مقارنة بالرجال، ويعزى ذلك إلى العوامل الاجتماعية والبيولوجية، والنفسية، فدائماً ما تواجه النساء ضغوطًا كبيرة في الحياة العملية والعائلية وفي بعض الأحيان العلمية أيضاً، حيث يتعين عليهن التوازن بين المسؤوليات المنزلية والمهنية، سواء كانت السيدة ربة منزل أو موظفة، فكلاهما يعتمدان على قصارى جهدهن لإكمال أعمالهن على أكمل وجه، ممن ما يؤثر على حياتهن النفسية والاجتماعية أو قد يرجع إلى التقلبات الهرمونية، أو إلى دورهن التقليدي في العناية بالصغار، ومسؤولية المنزل، ومن هنا فهن أكثر عرضة للتوتر بشكل عام وبهذا نرى أن بعض النساء يواجهن تحديات خاصة عن غيرها، أو في بعض الأحيان تتعرض النساء الحوامل بشكل خاص إلى اضطرابات الوسواس القهري، وهو من أنواع اضطرابات القلق، قبل الولادة أو بعدها مباشرة، مما يؤثر هذا على حالتها النفسية والاجتماعية والأسرية ، ويؤثر في دورها الكبير على مكانتها، فتزداد المسؤوليات حولها بغير حسبان، ويرتكز هذا الى الحمل والولادة ورعاية الأطفال، والتربية، مما يؤدي هذا الى زيادة في التفكير وانشغال الذهن فينتج الى زيادة مستوى القلق لديهن ومن المحتمل أن يؤدي إلى الاكتئاب في كثير من الأحيان”.
ومن ناحية أخرى نوهت إهداء إلى أن الرجال يعانون أيضًا من مصادر القلق المختلفة، لكن يتجنب بعضهم الاعتراف بالاكتئاب والإبلاغ عن أعراضه المحتملة، وبالمثل غالباً ما يحكم الرجال بأن أعراض الاكتئاب عندهم أقل حدّة، مقارنة بالنساء، فهم يمكن أن يواجهوا ضغوطًا مالية ومسؤوليات عائلية ومهنية، وقد يشعرون بالضغط لتحقيق النجاح في العمل وتوفير المال للأسرة، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تؤثر قضايا الصحة والعلاقات الشخصية والتحديات الاجتماعية على مستوى القلق لدى الرجال.
من جانبها تتناول الاخصائية الاجتماعية مي الطفيل جانب الاحتراق الوظيفي ودوره في حدوث القلق قائلة: “الاحتراق الوظيفي له دور كبير في الإصابة بالقلق والاكتئاب لدى الشخص، وخصوصًا عند أولئك الذين ينغمسون في العمل بشكل أشبه بالرجل الآلي المجرد من الروح، فينتج عنه الشعور بالاكتئاب وإنعدام الشغف والقلق المستمر”.
وقالت إنه بطبيعة الإنسان فهو يملك العقل والأحاسيس والمشاعر والبدن فكل منها لها حق عليه، فمن غير الجيد هدم أحد الأجساد، والسبب التركيز التام على العمل، بينما يمكن للشخص أن يقوم بتنظيم وقته بحيث يكون هناك وقت للعمل ووقت للإستراحة ليستعيد قوته ونشاطه، وهذا لا يعني الإستهانة بالعمل والإنجاز بل على العكس تماما إذا كان الشخص لديه نشاط وتنظيم فهذا يزيد من نسبة تطورة وتطور عمله بالمستقبل، وعلى النقيض التام فأن الإستهتار بالعمل سيجعل الفرد شخصاً بلا هدف ولا هوية، فالنصيحة دائماً خير الأمور الوسط بحيث نوازن بين العمل والراحة.
وخلصت إلى القول: “يمكن تجاوز مشكلة القلق عن طريق التخلص من المشتتات الخارجية والداخلية اللتي تحيط بالشخص وتعيقه كعدم الإنغماس والتركيز بالبيئات السلبية، والتواجد دائماً مع الأشخاص الإيجابيين ودائماً ما يتم تحفيز الفرد نفسه من الداخل بأنه ليس مقصراً وسينجز عمله ولكن في الوقت الذي يراه هو مناسباً، وتغيير فكرة “لابد أن أنهي عملي” بـ”أنا أستمتع وأتعلم أثناء عملي وأكتشف الجديد” بجانب الحرص على تكوين علاقات اجتماعية لإكتساب الخبرات والمهارات من الآخرين، والتذكر دائماً بأنه لا يوجد شئ يستحق القلق فنحن من نختار كيف نصنع الأحداث لا هي من تختارنا.