جدة – ياسر خليل
مع انتشار مطاعم الوجبات السريعة وخدمات التوصيل، زاد استهلاك أفراد المجتمع للأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون والسعرات الحرارية، وهو ما تسبب في زيادة أوزان البعض، وخصوصاً الذين لا يمارسون أي نشاط رياضي بجانب أعراض أخرى، بينما حذر مختصون عبر ” البلاد” الذين يستهلكون كميات كبيرة من الوجبات السريعة، مؤكدين أن وجود خدمات التوصيل ساعد كثيرًا في إبعاد الأكل الصحي من البيوت وفرض ثقافة الوجبات السريعة.
يقول أستاذ واستشاري الغدد الصماء وسكري الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا: “شهدت السنوات الأخيرة ثورة كبيرة في مجال صناعة الغذاء، سواء كان ذلك بما يتعلق بصناعة المعلبات الغذائية أو انتشار مطاعم الوجبات السريعة، وبالطبع هذا الهجوم والغزو الغذائي الكاسح لا يقتصر على دولة محددة؛ بل شمل كل جغرافية العالم، ومع تطورات التمدن والنقلة السريعة للحياة تراجع الأكل الصحي كثيرًا من البيوت؛ إذ ازداد اهتمام الكثير من الأفراد بالأكل السريع والجاهز لعدة اعتبارات؛ أهمها توافر التنوع الغذائي من مختلف أشكال وأنواع الأطعمة، ووجود خدمات التوصيل السريع، وهو ما اختصر عاملي الوقت والزمن، وانتشار تطبيقات المطاعم بشكل لافت للنظر، وبالتالي توافر البديل المناسب في حال غياب المطلوب، وبالطبع كل هذه المرتكزات أسهمت وبشكل كبير في تراجع الأكل الصحي من البيوت، وتوافر الأطعمة غير الصحية؛ وأبرزها الوجبات السريعة “الفاست فود”.
وأضاف: “الواقع المؤلم أن هناك كثيراً من الانعكاسات السلبية لانتشار وتناول الوجبات غير الصحية، خصوصًا بين الأطفال، أهمها: زيادة الوزن عند الكبار والصغار، التي إذا تركت على حالها فإنها حتما تمهد مع مرور الوقت وتدريجياً إلى السمنة، وما يترتب عليها من مضاعفات عدة؛ أهمها مرحلة ما قبل السكري (مقاومة الأنسولين) وصولًا إلى مرحلة الإصابة بالسكري” النوع الثاني” نتيجة البدانة
، ومن المشاكل التي قد تكون مرتبطة بالأطفال أيضًا؛ قصر القامة نتيجة سوء التغذية، وهنا لا يقصد بسوء التغذية عدم توافر الطعام، بل- ولله الحمد- الخير كثير ومتوفر، ولكن المقصود هنا بسوء التغذية نوعية الأكل وجودته، فغالبًا الأطفال- للأسف- يكثرون من تناول وجبات غير صحية تفتقد للقيمة الغذائية، ما يحرم هؤلاء الأطفال من المصادر المهمة التي تساعدهم في النمو الصحي وبناء الجسم، وبالتالي تزداد أوزانهم بسبب الإفراط في هذه الأطعمة”.
وشدد البروفيسور الأغا على ضرورة الحد من تناول الوجبات السريعة، والتركيز على تناول الأطعمة الصحية التي تحتوي على قيمة غذائية، ويستفيد منها الجسم، والحد من تناول اللحوم المصنعة، والحرص على ممارسة الرياضة، فذلك يساعد في المحافظة على الوزن المثالي.
وفي سياق متصل، يحذر استشاري الأطفال الدكتور نصر الدين الشريف، من زيادة تناول الأطفال للوجبات السريعة وعدم الحركة؛ موضحًا أن الوجبات السريعة، أو ما يسمى بـFast Food، هي الأطعمة التي يتم تحضيرها في وقت قصير جدًا- أقل من الوقت الذي يستغرقه طهي الوجبات العادية التي تحضر في المنزل- وهذه الوجبات مثل البرجر والبيتزا وأنواع أخرى من السندوتشات، تكون غنية بالدهون والمواد الحافظة والسعرات الحرارية، التي ينتج عنها العديد من الأضرار.
وكشف أن الدراسات والأبحاث العلمية أثبتت بعد التعرف على مكونات الوجبات السريعة، أنها تسبب أضرارًا وآثارًا سلبية كثيرة على صحة الإنسان، ومنها: أمراض القلب والشرايين؛ فنسبة الدهون العالية الموجودة بتلك الوجبات تساعد على ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، وهو من أهم أسباب ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والجلطات، وأيضًا ارتفاع سكر الدم، والسمنة المفرطة، فالوجبات السريعة تحتوي على نِسَب عالية جدًا من السعرات الحرارية ومن الطبيعي أن ينتج عنها ارتفاع في مستوى مؤشر كتلة الجسم لدى الأشخاص الذين يتناولونها بكثرة، ومشاكل في الجهاز الهضمي، فالوجبات السريعة التي تحتوي على نِسَب عالية من السكريات ينتج عنها عدة أضرار أهمها تسوس الأسنان وأمراض عسر الهضم والقرحة، فضلاً عن أمراض الكبد؛ إذ أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون الوجبات السريعة بشكل يومي، أكثر عُرضة للإصابة بالتهاب الكبد وتليفه، والإدمان، فنسبة الدهون والسكريات الموجودة في الوجبة الواحدة من تلك الوجبات كفيلة أن تعمل على إخلال توازن الجسم وتحكمه في الجوع والشبع، وهشاشة العظام؛ إذ تفتقر هذه الأطعمة بشكل كبير إلى الفيتامينات والمعادن اللازمة للجسم لذلك ينتج عنها هشاشة في العظام.
وعن الجانب النفسي لارتباط البعض، وخصوصاً الأطفال بالوجبات السريعة، يقول استشاري الطب النفسي الدكتور محمد إعجاز براشا: “تميل النفس البشرية وترتاح لبعض الأمور التي تحبها؛ حتى لو كان ذلك طعامًا، فنجد البعض أصبح مدمنًا للقهوة يوميًا، والآخر للمشروبات الغازية، وفئة أخرى لنوع محدد من الوجبات السريعة، وهذا بالطبع قد يؤثر على الجسم ويعكس نتائج سلبية؛ لذا عادة تكون النصيحة بأن التوازن مطلوب حتى في المأكل والمشرب لتفادي الأضرار التي تؤثر على الصحة”.
ودعا براشا إلى ضرورة الحد من تناول هذه الأطعمة، والاقتناع التام بأن الإفراط في تلك الوجبات ضارة جدًّا ولها الكثير من الآثار السلبية على الجسم، والحرص على التنوع الصحي في الأكل وتناول الفواكه والخضروات والعصائر الطازجة، وشرب الماء؛ لإعطاء الجسم القدر الكافي، لتعزيز عمل الجهاز الهضمي وخلايا الجسم.
