البلاد – جدة
تختزل مباني جدة التاريخية عراقة 300 عام غنية بفن عناصر البناء القديم، التي تشهد صناعة أبواب ورواشين مبانيها العريقة التي تتسم بتصاميم معمارية وهندسية ذات جودة عالية.
وتتخذ تصاميم الأبواب والرواشين خصوصية تقاليد أهل جدة من حيث التصميم وصغر حجم الباب الذي يوجد به مسكتان واحدة كبيرة والأخرى صغيرة في إشارة إلى علم أهل الدار أن الزائر رجل أو امرأة.
ويُستخدم في صناعة الأبواب 13 نوعاً من الأخشاب أبرزها خشب الدوم والمانجروف، وكذلك في بناء الجدران مع الحجر المنقبي والأسقف بحيث تكون عازلة للحرارة وقوية وصلبة وخفيفة الوزن وسهلة التشكيل، في حين كان الحرفيين يقطعون الأخشاب حسب استخدامها وبالأدوات التقليدية البسيطة من أزاميل حديدية ومطارق ومناشير وغيرها، وتكون طريقة تركيب الخشب والرواشين تُسمى “التعشيق” للخشب, حيث تُرص فوق بعضها البعض دون استخدام الغراء أو المسامير وتحويلها إلى قطع فنية، وللمحافظة على رونقها تُدهن بزيوت طبيعية مثل: زيت بذرة الكتان.
وقالت المصممة الداخلية في المعهد الملكي للفنون التقليدية سوزان الحوت، أن أبواب ورواشين جدة التاريخية تمتاز بصناعة عالية الجودة نتيجة تحملّها العوامل الجوية لمدينة جدة، وذات متانة عالية ضد الكسر، عدا تصاميمها المختلفة ذات النقوش الخشبية الجميلة والمحفورة يدوياً، مشيرة إلى أنه ولكل بيت طابع في النقوش المختلفة عن الآخر، التي تعكس عراقة الماضي واهتمام قاطنيها بأدق التفاصيل للأبواب واجتهادهم في التزيين من النقوش الإسلامية والهندسية والنباتية.
وأفادت أن من تلك الأبواب المعمرة في بيت نصيف الذي يصل عمر بنائه إلى أكثر من 300 سنة وهو من البيوت العريقة التاريخية ذات مكانة عالية يمتاز بالأبواب الكبيرة الطويلة المنقوش في حارة اليمن، وبيت باعشن الأثري في حارة المظلوم الذي تم بناؤه منذ أكثر من 230 سنة، وكان البيت ملتقى علمياً وثقافياً واجتماعياً تعقد فيه الحوارات والأمسيات بين كبار البيوت ويتميز باب البيت بنقوش خشبية نباتية جميلة، وبقطع بارزة ومحفورة يدوياً بأشكال هندسية ورسوم نباتية وبيت جخدار التاريخي الذي يمتاز برواشينه الكبيرة المتصلة ببعضها البعض ويصل طوله إلى أكثر من 25 متراً الغنية بزخارف جبسية في واجهة المنزل ومن الداخل .
وفي إعادة إلى إحياء تلك الصناعات التقليدية، أبانت الحوت، أن جميع طلاب المعهد الملكي للفنون التقليدية شاركوا بصنع رواشين يدوياً بالكامل بتقنيات البناء التقليدية من النجارة والحفر اليدوي وتعشيق الخشب بالنقر واللسان والتطعيم وتركيب المنجور كمشروع تخرج لأحد بيوت البلد وهو بيت المال في حارة الشام، مع دارسة كاملة للبيت والموقع وبحث استلهم الطلاب خلالها تصاميم مختلفة من زخارف جدة التاريخية وتطويرها في أكثر من خمسة شهور من الفكرة إلى التنفيذ، لافتة إلى أنه تم عمل عدة أفكار وتصاميم مستوحاة من جدة التاريخية والأشكال الهندسية المتداخلة في الروشان أيضاً بتصميم المفروكة المعقلي أحد التصاميم الموجودة في رواشين البلد مع تطويرها، وفي الجزء الداخلي من الروشان استخدم الحفر النباتي والتطعيم من الخشب الفاخر في كل قطعة، وكذلك تصميم التاج والقاعدة الذي يعكس الأصالة والجمال في تطوير الأشكال المعتادة.