جدة – ياسر خليل
أكد مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور أحمد المنظري لـ”البلاد”، إن كوفيد- 19 لم يعد طارئة صحية عامة تسبب قلقاً دولياً، ولكن لا يزال هناك تهديدًا قائماً، فالعلماء لا يزالون يكتشفون سريان سلالات ومتحورات فرعية جديدة، مضيفاً: “من هنا فأن كوفيد-19 أصبح الآن واحداً من بين قضايا كثيرة يتعين إدارتها بجانب الأمراض المعدية الأخرى وتحديات صحية أخرى، لذا علينا أن نتحلى باليقظة، وألَّا نتخلى عن حذرنا”
وقال المنظري: “للأسف في كل سنة نسجل تضرُّر أعداد كبيرة من المرضى أو وفاتهم بسبب الرعاية الصحية غير المأمونة، لا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ومنها بلدان في إقليم شرق المتوسط، فالرعاية غير المأمونة والرديئة الجودة، في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، تسبب خسارة سنوية في الإنتاجية ، لذا شملت مساعينا إعداد كل من إطار المستشفيات المراعية لسلامة المرضى وإطار الرعاية الأولية المراعية لسلامة المرضى ، والتنفيذ السليم من شأنه أن يدعم تحقيق رؤيتنا الإقليمية وهي “الصحة للجميع وبالجميع”.
وحول أسباب انتشار سوء التغذية في بعض بلدان إقليم شرق المتوسط قال: “سوء التغذية قضية صحية بالغة الأهمية، ومما يؤسف له أنها مستمرة في أقاليمنا وتؤثر على ملايين الأشخاص في مختلف البلدان، ويعزى استمرارها لأسباب عديدة، منها الصراعات، والكوارث الطبيعية، وغيرها من حالات الطوارئ، ناهيك عن الأزمات الإنسانية الناجمة عن كل ذلك، وفي واقع الأمر فإن إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط يستضيف أكثر من نصف اللاجئين في العالم، ويضم العدد الأكبر من النازحين داخليًّا عالميًّا”.
وأضاف: “في إطار استجابتنا لحالات الطوارئ والأزمات الإنسانية، سعت منظمة الصحة العالمية إلى التصدي لشتى صور انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وقد نفذ العديد من التدخلات في هذا المجال وحشدت موارد ضخمة لدعم السكان المتضررين، ولكن بالرغم من جهودنا الرامية إلى مكافحة سوء التغذية، والتقزُّم، والهزال، وعوز المغذيات الزهيدة المقدار، فإن كل تلك الصور لا تزال تؤثر على ملايين الأطفال والأشخاص من جميع الأعمار في إقليمنا، وهذا أمر غير مقبول وينبغي وضع حد له، كما أننا نعي الجوانب الأخرى لسوء التغذية مثل زيادة الوزن والسمنة، فهي أيضاً تهدد صحة سكاننا”.
ونوه المنظري إلى أنه في إطار جهود المنظمة الرامية إلى وضع برامج التغذية على المسار الصحيح على الصعيد القُطري، أعدَّت بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الشريكة، استراتيجية إقليمية للتغذية، وقد ساعدت البلدان على وضع استراتيجيات وخطط عمل وطنية للتصدي لهذا العبء المزدوج الناجم عن نقص التغذية وزيادة الوزن والسمنة، وتبرهن الاستراتيجية الإقليمية وهذا الإطار الجديد للتعاون على التزامنا بالعمل معاً لمكافحة سوء التغذية وإنقاذ أرواح الأطفال، الأمر الذي يساعد على تحقيق الرؤية الإقليمية للمنظمة ، ونتطلع قدماً إلى ترسيخ التعاون في هذا المجال المهم.
وحول سؤال عن مقاومة المضادات الحيوية قال المنظري: “هناك جهود كبيرة تبذل من جميع دول العالم بشكل عام من خلال الاستراتيجيات والسياسات، باعتبار قضية مقاومة المضادات الحيوية عامة وتهم صحة الجميع، ومن أهم إجراءات تقنين استخدام المضادات الحيوية هي عدم إمكانية الحصول على المضاد الحيوي سواء من المؤسسات الحكومية أو الخاص إلا بوصفة طبية، وتكون بموافقة الطبيب المعالج، ولكن هذه الإجراءات قد تكون شبه نادرة في العديد من دول العالم والتي أثرت سلبًا على طريقة استخدام المضادات وظهور أنواع من البكتيريا المقاوم”.
وفيما يخص الأخطاء العلاجية في إقليم شرق المتوسط قال المنظري: “توصلت دراسة بحثية في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أجريت في مستشفيات مختارة إلى أن الأخطاء العلاجية وأخطاء المداواة تمثل 34 % من إجمالي الأحداث الضارة، إذ يتضح من البيانات أن ما يصل إلى 18 %من حالات الاحتجاز في المستشفيات في الإقليم ينجم عن تعرض المريض لضرر شديد بسبب إدارة الرعاية، وأن 80 % من تلك الحالات يمكن الوقاية منها ، والضرر الناجم عن المداواة يمثل 50 % من إجمالي الضرر الذي يمكن تجنبه في مجال الرعاية الطبية، وهو ما يجعله شاغلاً عالميًا وملحاً من شواغل الصحة العامة، كما أنه يسبب عبئًا ماليًا ضخمًا على المستوى العالمي، ويُسهم في 9 % من إجمالي التكاليف التي يمكن تجنبها نتيجة الاستخدام دون الأمثل للأدوية، أي ما يعادل 42 مليار دولار أمريكي من إجمالي الإنفاق على الصحة عالميًا”.
وأضاف: “تحدث أخطاء المداواة عندما يؤثر ضعف نظم المداواة أو العوامل البشرية، مثل التعب أو الظروف البيئية السيئة أو نقص الموظفين، على الممارسات المرتبطة بوصف الأدوية، ونسخ وصفاتها، وصرفها، وإعطائها، ورصدها، وهي أخطاء قد تؤدي إلى حدوث ضرر بالغ، أو إعاقة، بل قد تؤدي إلى الوفاة، وفي البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتشير التقديرات الحالية إلى أن 134 مليون حدث ضار يحدث في المستشفيات، ويتسبب في وفاة قرابة 2.6 مليون مريض كل عام، أما في البلدان المرتفعة الدخل، فإن مريضًا واحدًا من كل 10 مرضى يتضرر عند تلقيه الرعاية في المستشفيات، وعند المقارنة بين البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان المرتفعة الدخل، فإن المرضى في البلدان ذات الدخل المنخفض يفقدون ضعف عدد سنوات العمر المصححة باحتساب مدد الإعاقة بسبب الأضرار المرتبطة بالمداواة، بالرغم من توفر عدد من التدخلات التي يمكن أن تقلل من تواتر أخطاء المداواة وتأثيرها، والتي يتفاوت مستوى تنفيذها من بلد لآخر”.