الزواج هو الشركة الأعظم والأهم في الحياة فصبراً أيها المتزوجون فأنتم شركاء في الربح والخسارة. وحين تنجح هذه الشراكة ،ينجح جميع أطرافها ويهنأ لهم العيش ،بينما تذبّذُب هذه الشركة واهتزاز أركانها، يزلّزل الحياة ويذهب براحة البال وطمأنينة النفس بل وربما يقود لمعاناة لا تُحمد عقباها.
فالشراكة الزوجية شراكة حياة ودماء تجري في العروق، وحين تتكلّل بذرية طيبة ،تبقى المسؤولية فيها أعظم والواجبات فيها أشدّ وجوباً، ويعتبر الوالدان هما أهم أركان هذه الشركة بهما تزدهر وبهما تندمر. والأبناء والبنات الذين هم زينة الحياة الدنيا هم المحور الأهم الذي يجب الحفاظ عليه سواء كانوا صغاراً أو كباراً ،لهذا فحرص الوالدين على تَماسُك الحياة بينهما وعدم تركها للإنهيار التام ، واجب من أهم واجباتهم حيال هذه الشراكة وهؤلاء الأبناء. فكم من بيوت تهدّمت في لحظة غضب من أب إستسلم لغضبه فنطق بكلمة هي أبغض الحلال إلى الله لينهي رحلة زوجية كان الأولى التفكير في أدقّ تفاصيلها وفقدان مالا يمكن تعويضه. فكم من أبناء ضاعوا داخل أنفسهم وتاهت بهم الحياة بسبب أب لم يفكر بشكل صحيح فيما استرعاه الله عليه، أو أم لم تحفظ وداً ولم تبالِ بآثار تصرف خاطئ في لحظة عناد سيطرت على تفكيرها. لماذا لا يتخذ الآباء والأمهات من أبنائهم الكبار حكماً بينهم يصغون إليهم ويأخذون برأيهم فليس أحرص على حياتهم من أبناء ترعرعوا وعاشوا في كنف أبوين حانييْن ذاقوا معهما وبهما طعم الحياة السعيدة.
إنني أعتقد جازمة أن الإحترام في الحياة الزوجية أهم من الحب وهو ضرب من ضروب المودة التي ذكرها الله تعالى: (وجعل بينكم مودة ورحمة) . ومن أهم دعائم الإحترام عدم خدش الكرامة لكلا الطرفين: الزوج والزوجة، فالكرامة قيمة عالية وخدشها جرح برؤه يستعصي في أحيان كثيرة ،أما ماعدا ذلك فإذا خلت الحياة الزوجية من الكبيرات التي لا تطاق ولا تحتمل ،فمن المعيبات على الطرفين ،هزّ الاستقرار والتجّريح من أجل أمور قابلة للأخذ والردّ مطروحة للنقاش تحتمل التفاهم. لكن بعض الأساليب والطرق التي يتخذها أحد الطرفين تقضي على الودّ وتجرِّد الأسلحة .وما أصدق بشّار بن بُرد حين قال:
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى … ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها … كفى المرء نبلاً أن تُعدّ معايبه
ومن الأمور الهامة جداً في الحياة الزوجية عدم نسيان الفضل بين الزوجين مهما صغر والله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك فقال عزّ وجلّ:( ولا تنسوا الفضل بينكم) فالحياة الزوجية ليست روابط مادية ولاتعدٍّ أو تحدٍّ بين الزوجيْن إنما هي مودة ورحمة . أين المودة والرحمة في أيامنا هذه وقد كثرت حالات الطلاق وقضايا الخلع والأبناء هم الضحايا وهم المتفرجون على مسرحية مهازل التصرفات الزوجية لبعض الأزواج فمهلاً قطبيْ الحياة الزوجية وعلى رِسلِكم تأملوا الإيجابيات في حياتكم ، تأملوا في وجوه أبنائكم وتعمّقوا في نظراتهم علّكم تجدون الحلول وتخرجون من المأزق ولا تنسوا من أجلهم تهون الصعاب ودمتم سعداء.
@almethag