معظمنا يسعى لأن يكون الشخص الذي حلم به في طفولته، القوي ذا النجاحات المتعددة والذي يطمح أن يكونه يوماً ما، فالبعض وجد طريقه الخاص ووصل والآخر مازال يبحث نقطة إطلاقته ليكون ما يحب وآخرون ما زالوا عالقين في مقاعدهم من الحياة تحت تأثير كتب تطوير الذات التي تتحدث عن تحويل الفشل لنجاح والحزن لسعادة ومهارات إدارة الوقت. بالإضافة لدورات أولئك الذين يصفوا أنفسهم مدربي تنمية بشرية فيخسر المال والوقت دون أن يخرج بفائدة سوى مخدر مؤقت لحالته ما يلبث أن يعود لتعاسته التي لن تنتهي.
في الواقع -وهذا قول لن يعجب الأغلبية- أن هذا كله مضيعة لجهد الباحث عمن يريد أن يطور نفسه، لأن تجربة أحدهم والتي صبها في كتاب بعد مدة قد تكون طويلة من التجارب والمحاولات والسقوط والوقوف التي قد واجه الفشل بعضها لن تناسب قارئاً يحاول أن يجد مايساعده لما يريد بلوغه، نعم قد يشعر بالحماسة أو الرغبة الجامحة للبدء لكن ما يلبث أن ينطفئ حين يعود للواقع بعد أن كان في وهم وخيال رحلة الكاتب التي تُقرأ وكأنها رحلة سهلة مليئة بالأيام السعيدة بعدد قليل من الازمات، خصوصًا إن كان المرء يمر بصدمة نفسية أو عاطفية ، فإن نصحه بكتب تطوير الذات أو الدورات ،التي تحثّه على دفنها في مقبرة العقل الباطن والنسيان ، أو ما انتشر مؤخراً من هتافات فك التعلق هو بداية انهياره أو عدم استكمال حياته بالطريقة التي يطمح إليها.
وغالبا ما تكون الصدمات هي مفتاح كل بداية للإنسان، إن وجد التوجيه المناسب أو الصديق الذي يساعده على تجاوزها وتحوي\لها لنجاح قد يفاجئ المرء بنفسه حين ينظر كيف بسببها أصبح بشخصية أخرى كان يقرأ عنها ويطمح إليها فيما مضى، هذا أمر عشته مع نفسي، حين رفضت قراءة كتب تطوير الذات ووجدت أن التحدث مع أحدهم يساعدني على التعافي فتحولت للكتابة وانفجرت كل طاقتي فيها خلال فترة وجيزة. وتوافقني الرأي صديقتي المصورة “سحابة شدادي” من أنها تحولت للتصوير بسبب صدمة كانت سبباً لوصولها لعالم المصورين المحترفين، بالإضافة لمجموعة من الصديقات.
نعم تغرينا الكلمات الرنّانة التي تشجّعنا لخوض معترك الحياة ،بأسلحة العقل وقدرتنا على بلوغ خط النهاية، لكننا بحاجة لمعرفة أنفسنا أولاً ،وهذا أمر لن ننجح بمعرفته من خلال الدورات والكتب، وكي لا أكون مجحفة في حق العاملين عليها ، نعم قد تساعدنا بجزء بسيط على رسم خطط أو تمهيد الطريق، لكن إن لم نعرف مانحن بحاجته سنكون ضحايا تلك الإيجابية السامة.
@i1_nuha